" صفحة رقم ٢٢٩ "
أواب، أي كثير الرجوع إليه، أي يأتيه من مكان بعيد. وهذه معجزة له لأن شأن الطير النفور من الإِنس. وكلمة ) كل ( على أصل معناها من الشمول. و ) أوَّابٌ ( هذا غير ) أوَّابٌ ( في قوله :( إنه أوّاب ( فلم تتكرر الفاصلة. واللام في ) لَهُ أوَّابٌ ( لام التقوية، وتقديم المجرور على متعلقه للاهتمام بالضمير المجرور.
والشد : الإِمساك وتمكّن اليد مما تمسكه، فيكون لقصد النفع كما هنا، ويكون لقصد الضرّ كقوله :( واشدد على قلوبهم في سورة ( ( يونس : ٨٨ ).
فشدّ الملك هو تقوية ملكه وسلامته من أضرار ثورة لديه ومن غلبة أعدائه عليه في حروبه. وقد ملك داود أربعين سنة ومات وعمره سبعون سنة في ظل ملك ثابت.
و ) الحكمة ( : النبوءة. والحكمة في الأعم : العلم بالأشياء كما هي والعمل بالأمور على ما ينبغي، وقد اشتمل كتاب ( الزبور ) على حِكَم جمَّة.
و ) فصل الخطاب ( : بلاغة الكلام وجمعه للمعنى المقصود بحيث لا يحتاج سامعه إلى زيادة تبيان، ووصف القول ب ( الفصل ) وصف بالمصدر، أي فاصل. والفاصل : الفارق بين شيئين، وهو ضدّ الواصل، ويطلق مجازاً على ما يميز شيئاً عن الاشتباه بضده. وعطفه هنا على الحكمة قرينة على أنه استعمل في معناه المجازي كما في قوله تعالى :( إن يوم الفصل كان ميقاتاً ( ( النبأ : ١٧ ).
والمعنى : أن داود أوتي من أصالة الرأي وفصاحة القول ما إذا تكلّم جاء بكلام فاصل بين الحقّ والباطل شأن كلام الأنبياء والحكماء، وحسبك بكتابه ( الزبور ) المسمّى عند اليهود ب ( المزامير ) فهو مثل في بلاغة القول في لغتهم.
وعن أبي الأسود الدؤلي :( فصل الخطاب ( هو قولُه في خطبه ( أما بعد ) قال : وداود أول من قال ذلك، ولا أحسب هذا صحيحاً لأنها كلمة عربية ولا


الصفحة التالية
Icon