" صفحة رقم ٢٣٠ "
يعرف في كتاب داود أنه قال ما هو بمعناها في اللغة العبرية، وسميت تلك الكلمة فصل الخطاب عند العرب لأنها تقع بين مقدمة المقصود وبين المقصود. فالفصل فيه على المعنى الحقيقي وهو من الوصف بالمصدر، والإِضافة حقيقية. وأول من قال :( أما بعد ) هو سحبان وائل خطيب العرب، وقيل :( فصل الخطاب ( القضاء بين الخصوم وهذا بعيد إذ لا وجه لإِضافته إلى الخطاب.
واعلم أن محمداً ( ﷺ ) قد أعطي من كل ما أعطي داود فكان أوّاباً، وهو القائل :( إني ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة )، وسخر له جبل حراء على صعوبة مسالكه فكان يتحنّث فيه إلى أن نزل عليه الوحي وهو في غار ذلك الجبل، وعَرضت عليه جبال مكة أن تصير له ذهباً فأبى واختار العبودية وسخرت له من الطير الحَمَام فبنت وكرها على غار ثور مدة اختفائه به مع الصديق في مسيرهما في الهجرة. وشدّ الله مُلك الإِسلام له، وكفاه عدوّه من قرابته مثل أبي لهب وابنه عتبة ومن أعدائه مثل أبي جهل، وآتاه الحكمة، وآتاه فصل الخطاب قال :( أوتيت جوامع الكَلِم واختصر لي الكلام اختصاراً ) بَلْهَ ما أوتيه الكتاب المعجز بلغاء العرب عن معارضته، قال تعالى في وصف القرآن :( إنه لقول فصل وما هو بالهزل ( ( الطارق : ١٣، ١٤ ).
( ٢١ ٢٥ ) ) (
جملة ) وهل أتاكَ نَبأ الخَصمِ ( إلى آخرها معطوفة على جملة ) إنَّا سخرنا الجبال معه ( ( ص : ١٨ ). والإِنشاء هنا في معنى الخبر، فإن هذه الجملة قصت شأناً من شأن داود مَع ربه تعالى فهي نظير ما قبلها.


الصفحة التالية
Icon