" صفحة رقم ٢٤١ "
( ليس ص من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله ( ﷺ ) سجد فيها ). وفيه عن أبي سعيد الخُدْري قال :( قرأ رسول الله وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ الناس للسجود ( أي تهيّأَوا وتحركوا لأجله ) فقال رسول الله : إنما هي توبة نبيء ولكني رأيتكم تشزَّنْتم للسجود فنزل فسجد وسجدوا )، وقول أبي حنيفة فيها مثل قول مالك ولم يرَ الشافعي سجوداً في هذه الآية إمَّا لأجل قول النبي ( ﷺ ) ( إنما هي توبة نبيء ) فرجع أمرُها إلى أنها شرْعُ من قبلنا، والشافعي لا يرى شرع من قبلنا دليلاً.
ووجه السجود فيها عند من رآه أن ركوع داود هو سجود شريعتهم فلما اقتدى به النبي ( ﷺ ) أتى في اقتدائه بما يساوي الركوع في شريعة الإِسلام وهو السجود. وقال أبو حنيفة : الركوع يقوم مقام سجود التلاوة أخذاً من هذه الآية.
واسم الإِشارة في قوله :( فغفرنا له ذالك ( إلى ما دلت عليه خصومة الخصمين من تمثيل ما فعله داود بصورة قضية الخصمين، وهذا من لطائف القرآن إذ طوى القصة التي تمثَّل له فيها الخصمان ثم أشار إلى المطوي باسم الإِشارة، وأتبع الله الخبر عن الغفران له بما هو أرفع درجة وهو أنه من المقرّبين عند الله المرضيّ عنهم وأنه لم يوقف به عند حد الغفران لا غير. والزلفى : القربى، وهو مصدر أو اسم مصدر. وتأكيد الخبر لإِزالة توهم أن الله غضب عليه إذ فتنه تنزيلاً لمقام الاستغراب منزلة مقام الإِنكار.
والمئاب : مصدر ميمي بمعنى الأوْب. وهو الرجوع. والمراد به : الرجوع إلى الآخرة. وسمي رجوعاً لأنه رجوع إلى الله، أي إلى حكمة البحْت ظاهراً وباطناً قال تعالى :( إليه أدعو وإليه مئاب ( ( الرعد : ٣٦ ).
وحسن المئاب : حسن المرجع، وهو أن يرجع رجوعاً حسناً عند نفسه وفي


الصفحة التالية
Icon