" صفحة رقم ٣٤٢ "
لأن العليم بذات الصدور لا يغادر شيئاً إلا علمه فإذا أنبأ بأعمالهم كان إنباؤه كاملاً.
وذات : صاحبة، مؤنث ( ذُو ) بمعنى صاحب صفة لمحذوف تقديره الأعمال، أي بالأعمال صاحبة الصدور، أي المستقرة في النوايا فعبر ب ) الصُّدُورِ ( عما يحلّ بها، والصدور مراد بها القلوب المعبر بها عما به الإِدراك والعَزم، وتقدم في قوله :( ولكن اللَّه سلم إنه عليم بذات الصدور في سورة ( ( الأنفال : ٤٣ ).
هذا مثال لتقلب المشركين بين إشراكهم مع الله غيره في العبادة، وبين إظهار احتياجهم إليه، فذلك عنوان على مبلغ كفرهم وأقصاه. والجملة معطوفة على جملة ) ذالِكُم الله رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ ( ( الزمر : ٦ ) الآية لاشتراك الجملتين في الدلالة على أن الله منفرد بالتصرف مستوجب للشكر، وعلى أن الكفر به قبيح، وتَتَضمن الاستدلال على وحدانية إلاهية بدليل من أحوال المشركين به فإنهم إذا مسهم الضر لجأوا إليه وحده، وإذا أصابتهم نعمة أعرضوا عن شكره وجعلوا له شركاء.
فالتعريف في ) الإنْسَانَ ( تعريف الجنس ولكن عمومه هنا عموم عرفي لفريق من الإِنسان وهم أهل الشرك خاصة لأن قوله :( وجَعَلَ لله أندَاداً ( لا يتفق مع حال المؤمنين.
والقول بأن المراد : انسان معيّن وأنه عتبة بن ربيعة، أو أبو جهل، خروج عن مهيع الكلام، وإنما هذان وأمثالهما من جملة هذا الجنس. وذكر الإِنسان إظهار في مقام الإِضمار لأن المقصود به المخاطبون بقوله :( خلقكم من نفس واحدة إلى قوله : فَيُنَبِئكم بما كُنتمُ تَعْمَلُون ( ( الزمر : ٦، ٧ )، فكان مقتضى الظاهر أن يقال : وإذا مسكم الضر دعوتم ربكم الخ، فعدل إلى الإِظهار لما في معنى الإِنسان من مراعاة ما في