" صفحة رقم ٣٤٣ "
الإِنسانية من التقلب والاضطراب إلا من عصمه الله بالتوفيق كقوله تعالى :( ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حياً ( ( مريم : ٦٦ )، وقوله :( أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ( ( القيامة : ٣ ) وغير ذلك ولأن في اسم الإِنسان مناسبة مع النسيان الآتي في قوله :( نسي ما كان يدعو إليه من قبل ). وتقدم نظير لهذه الآية في قوله :( وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه في سورة الروم ).
والتخويل : الإِعطاء والتمليك دون قصد عوض. وعينُه واو لا محالة. وهو مشتق من الخَوَل بفتحتين وهو اسم للعبيد والخدم، ولا التفات إلى فعل خال بمعنى : افتخر، فتلك مادة أخرى غير ما اشتق منه فعل خَوَّل.
والنسيان : ذهول الحافظة عن الأمر المعلوم سابقاً.
ومَا صْدَق ) ما ( في قوله :( مَا كَانَ يَدْعُوا إلَيْهِ مِن قَبْلُ ( هو الضر، أي نسي الضر الذي كان يدعو الله إليه، أي إلى كشفه عنه، ومفعول ) يَدْعُوا ( محذوف دل عليه قوله :( دَعَا رَبَّهُ (، وضمير ) إلَيْهِ ( عائد إلى ) ما (، أي نسي الضر الذي كان يدعو الله إليه، أي إلى كشفه. ويجوز أن يكون ) ما ( صادقاً على الدعاء كما تدل عليه الصلة ويكون الضمير المجرور ب ( إلى ) عائداً إلى ) رَبَّهُ (، أي نسي الدعاء، وضُمّن الدعاء معنى الابتهال والتضرع فعُدي بحرف ( إلى ). وعائد الصلة محذوف دل عليه فعل الصلة تفادياً من تكرر الضمائر. والمعنى : نسي عبادة الله والابتهال إليه.
والأنداد : جمع نِدّ بكسر النون، وهو الكفء، أي وزاد على نسيان ربه فجعل له شركاء.
واللام في قوله :( لّيُضِلَّ عن سبيلِهِ ( لام العاقبة، أي لام التعليل المجازي لأن الإِضلال لما كان نتيجة الجعل جاز تعليل الجعل به كأنه هو العلة للجاعل. والمعنى : وجعل لله أنداداً فَضل عن سبيل الله.