" صفحة رقم ٣٤٤ "
وقرأ الجمهور ) لّيُضِلَّ ( بضم الياء، أي ليضل الناس بعد أن أضل نفسه إذ لا يضل الناس إلا ضَالّ. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب بفتح الياء، أي ليَضل هو، أي الجاعل وهو إذا ضلّ أضل الناس.
استئناف بياني لأن ذكر حالة الإِنسان الكافر المعرض عن شكر ربه يثير وصفها سؤال السامع عن عاقبة هذا الكافر، أي قل يا محمد للإِنسان الذي جعل لله أنداداً، أي قل لكل واحد من ذلك الجنس، أو روعي في الإِفراد لفظُ الإِنسان. والتقدير : قل تمتعوا بكفركم قليلاً إنكم من أصحاب النار. وعلى مثل هذين الاعتبارين جاء إفراد كاف الخطاب بعد الخبر عن الإِنسان في قوله تعالى :( يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر في سورة القيامة ( ١٠ ١٢ ).
والتمتع : الانتفاع الموقّت، وقد تقدم عند قوله تعالى : ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين في سورة ( ( الأعراف : ٢٤ ).
والباء في ) بِكُفْرِكَ ( ظرفية أو للملابسة وليست لتعدية فعل التمتع. ومتعلِّق التمتع محذوف دل عليه سياق التهديد. والتقدير : تمتع بالسلامة من العذاب في زمن كفرك أو متكسباً بكفرك تمتعاً قليلاً فأنت آئل إلى العذاب لأنك من أصحاب النار.
ووصف التمتع بالقليل لأن مدة الحياة الدنيا قليل بالنسبة إلى العذاب في الآخرة، وهذا كقوله تعالى :( فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ( ( التوبة : ٣٨ ). وصيغة الأمر في قوله :( تَمَتَّعْ ( مستعملة في الإِمهال المراد منه الإِنذار والوعيد.
وجملة ) إنَّكَ من أصْحاببِ النَّارِ ( بيان للمقصود من جملة ) تَمَتَّع بِكُفْرِكَ قَلِيلاً ( وهو الإِنذار بالمصير إلى النار بعد مدة الحياة.


الصفحة التالية
Icon