" صفحة رقم ١١٣ "
يهلك في مدة تأخير حقه فلا ينتفع به، أو لعل الشيء المحكوم به يتلف بعارض أو قصد فلا يصل إليه صاحبه بعد. وإن كان الحق حقَّ الله كان تأخير القضاء فيه إقراراً للمنكر. في ( صحيح البخاري ) ( أن رسول الله ( ﷺ ) استعمل أبا موسى على اليمن ثم أتبعه معاذَ بن جبل فلمّا قدِم معاذ على أبي موسى ألقى إليه أبو موسى وسادة وقال له : أنزل، وإذا رجُل موثق عند أبي موسى، قال مُعاذ : ما هذا ؟ قال : كان يهودياً فأسلم ثم تَهوَّد. قال مُعاذ : لا أجلس حتى يُقتَل، قضاءَ الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به أبو موسى فقتل ).
الأظهر أن يكون قوله :( وأنذِرْهم ( وما بعده معترضاً بين جملة ) إن الله سريع الحساب ( ( غافر : ١٧ ) وجملة ) يَعْلم خائِنة الأعيُن ( ( غافر : ١٩ ) على الوجهين الآتيين في موقع جملة ) يعلم خائنة الأعين (، فالواو اعتراضية، والمناسبة أن ذكر الحساب به يقتضي التذكير بالاستعداد ليوم الحساب وهو يوم الآزفة.
ويوم الآزفة يوم القيامة. وأصل الآزفة اسم فاعل مؤنث مشتق من فعل أزِف الأمر، إذا قرب، فالآزفة صفة لموصوف محذوف تقديره : الساعة الآزفة، أو القيامة الآزفة، مثل الصاخّة، فتكون إضافة ) يوم ( إلى ) الآزفة (، حقيقية. وتقدم القول في تعدية الإِنذار إلى ( اليوم ) في قوله :( لتنذر يوم التلاقي ( ( غافر : ١٥ ).
و ) إذْ ( بدل من ) يوم ( فهو اسم زمان منصوب على المفعول به، مضاف إلى جملة ) القلوب لدى الحناجر ( و ) أل ( في ) القُلُوبُ ( و ) الحناجر ( عوض عن المضاف إليه. وأصله : إذْ قلوبهم لدى حناجرهم، فبواسطة ( أل ) عُوض تعريف الإِضافة بتعريف العهد وهو رَأي نحاة الكوفة، والبصريون يقدرون : إذ القلوب منهم والحناجر


الصفحة التالية
Icon