" صفحة رقم ١١٤ "
منهم والمعنى : إذ قلوب الذين تنذرهم، يعني المشركين، فأمَّا قلوب الصالحين يومئذٍ فمطمئنة.
والقلوب : البضعات الصنوبرية التي تتحرك حركة مستمرة ما دام الجسم حيًّا فتدفع الدم إلى الشرايين التي بها حياة الجسم.
والحناجر : جمع حَنْجَرة بفتح الحاء وفتح الجيم وهي الحُلقوم. ومعنى القلوب لدى الحناجر : أن القلوب يشتدّ اضطراب حركتها من فرط الجزع مما يشاهِده أهلها من بوارق الأهوال حتى تتجاوز القلوبُ مواضعها صاعدة إلى الحناجر كما قال تعالى في ذكر يوم الأحزاب :( وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ( ( الأحزاب : ١٠ ).
وكاظم : اسم فاعل من كظَم كُظُوماً، إذا احتبسَ نفَسُه ( بفتح الفاء ). فمعنى ) كاظمين ( : اكنين لا يستطيعون كلاماً. فعلى هذا التأويل لا يقدَّر ل ) كاظِمِين ( مفعول لأنه عومل معاملة الفعل اللازم. ويقال : كَظَم كظماً، إذا سَدّ شيئاً مجرى ماء أو باباً أو طريقاً فهو كاظم، فعلى هذا يكون المفعول مقدراً. والتقدير : كاظمينها، أي كاظمين حناجرهم إشفاقاً من أن تخرج منها قلوبهم من شدة الاضطراب. وانتصب ) كاظِمِين ( على الحال من ضمير الغائب في قوله :( أنذرهم ( على أن الحال حال مقدرة. ويجوز أن يكون حالاً من القلوب على المجاز العقلي بإسناد الكاظم إلى القلوب وإنما الكاظم أصحاب القلوب كما في قوله تعالى :( فويل لهم مما كتبت أيديهم ( ( البقرة : ٧٩ ) وإنما الكاتبون هم بأيديهم.
وجملة ) ما للظالمين من حميم ولا شفيع يُطاع ( في موضع بدل اشتمال من جملة ) القُلُوب لدَى الحناجِر ( لأن تلك الحالة تقتضي أن يستشرفوا إلى شفاعة من اتخذوهم ليَشفعوا لهم عند الله فلا يُلفون صديقاً ولا شفيعاً. والحميم : المحب المشفق.
والتعريف في ) الظالمين ( للاستغراق ليعم كل ظالم، أي مشرك فيشمل الظالمين المنذَرين، ومن مضى من أمثالهم فيكون بمنزلة التذييل ولذلك فليس ذكر الظالمين من الإِظهار في مقام الإِضمار.


الصفحة التالية
Icon