" صفحة رقم ١١٨ "
الاختصاص في قوله :( والله يقضي بالحق ). فالمراد من قوله :( والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء ( التذكير بعجز الذين يدعونهم وأنهم غير أهل للإِلهية، وهذه طريقة في إثبات صفة لموصوف ثم تعقيب ذلك بإظهار نقيضه فيما يُعدّ مساوياً له كما في قول أمية بن أبي الصلت :
تلك المكارمُ لا قَعْبَاننِ من لَبَن
شيباً بماءٍ فصار فيما بعدُ أبوالا
وإلاَّ لما كان لعطف قوله : لا قَعْباننِ من لبن، مناسبة.
والدعاء يجوز أن يكون بمعنى النداء وأن يكون بمعنى العبادة كما تقدم آنفاً.
وجملة ) إن الله هو السميع البصير ( مقررة لجمل ) يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور ( إلى قوله :( لا يَقْضُون بشيء ( ( غافر : ١٩، ٢٠ ). فتوسيط ضمير الفصل مفيد للقصر وهو تعريض بأن آلهتهم لا تسمع ولا تبصر فكيف ينسبون إليها الإِلهية، وإثبات المبالغة في السمع والبصر لله تعالى يُقرر معنى ) يَقْضِي بالحق ( لأن العالم بكل شيء تتعلق حكمته بإرادة الباطل ولا تخطىء أحكامه بالعثار في الباطل. وتأكيد الجملة بحرف التأكيد تحقيق للقصر. وقد ذكر التفتزاني في ( شرح المفتاح ) في مبحث ضمير الفصل أن القصر يُؤكَّد.
وقرأ نافع وهشام عن ابن عامر ) تدعُون بتاء الخطاب على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب لقرع أسماع المشركين بذلك. وقرأ الجمهور بياء الغيبة على الظاهر.


الصفحة التالية
Icon