" صفحة رقم ١٢١ "
وذلك يستتبع ذنوباً جمة، وسيأتي تفسيرها بقوله :( ذالِكَ بأنَّهم كانت تأتِيهِم رُسُلُهم بالبينات ).
ومعنى :( وما كانَ لهُم مِنَ الله من وَاق ( ما كان لهم من عقابه وقدرته عليهم، فالواقي : هو المدافع الناصر.
و ) مِن الأولى متعلقة بواقٍ، ( وقدم الجار والمجرور للاهتمام بالمجرور، و ) من ( الثانية زائدة لتأكيد النفي بحرف ( ما ) وذلك إشارة إلى المذكور وهو أخذ الله إياهم بذنوبهم.
والباء للسببية، أي ذلك الأخذ بسبب أنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا بهم، وفي هذا تفصيل للإجمال الذي في قوله :( فأخذهم الله بذنوبهم ). والجملة بعد ( أنَّ ) المفتوحة في تأويل مصدر. فالتقدير : ذلك بسبب تحقق مجيء الرسل إليهم فكفرهم بهم.
وأفاد المضارع في قوله :( تأتيهم ( تجدد الإتيان مرة بعد مرة لمجموع تلك الأمم، أي يأتي لكل أمة منهم رسول، فجمع الضمير في ) تأتيهم ( و ) رسلهم ( وجمع الرسل في قوله :( رسلهم ( من مقابلة الجمع بالجمع، فالمعنى : أن كل أمة منهم أتاها رسول. ولم يؤت بالمضارع في قوله :( فكفروا ( لأن كفر أولئك الأمم واحد وهو الإِشراك وتكذيب الرسل.
وكرر قوله :( فأخَذَهُمُ الله ( بعد أن تقدم نظيره في قوله :( فأخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِم ( الخ إطناباً لتقرير أخذ الله إياهم بكفرهم برسلهم، وتهويلاً على المنذَرين بهم أن يُساوُوهم في عاقبتهم كما سَاوَوْهم في أسبابها.
وجملة :( إنَّه قَوِيٌّ شَدِيد العِقَابِ ( تعليل وتبيين لأخذ الله إياهم وكيفيته وسرعة أخذه المستفادة من فاء التعقيب، فالقويّ لا يعجزه شيء فلا يعطل مراده ولا يتريث، و ) شديد العقاب ( بيان لذلك الأخذ على حد قوله تعالى :( فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ( ( القمر : ٤٢ ).


الصفحة التالية
Icon