" صفحة رقم ١٢٤ "
والذين آمنوا معه وأنهم أضمروه ولم يعلنوه ثم شغلهم عن إنفاذه ما حلّ بهم من المصائب التي ذكرت في قوله تعالى في سورة الأعراف :( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ( الآية، ثم بقوله :( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد ( ( الأعراف : ١٣٣ ) الآية.
والضلال : الضياع والاضمحلال كقوله :( قالوا أئذا ضللنا في الأرض إنا لفي خلق جديد ( ( السجدة : ١٠ ) أي هذا الكيد الذي دبروه قد أخذ الله على أيديهم فلم يجدوا لانقاذه سبيلاً.
عطفُ ) وقال ( بالواو يدل على أنه قال هذا القول في موطن آخر ولم يكن جواباً لقولهم :( اقْتُلوا أبْنَاءَ الَّذِينَ ءامَنُوا مَعَهُ ( ( غافر : ٢٥ )، وفي هذا الأسلوب إيماء إلى أن فرعون لم يعمل بإشارة الذين قالوا :( اقتلوا أبناء الذين ءامنوا معه ( وأنه سكت ولم يراجعهم بتأييد ولا إعراض، ثم رأى أن الأجدر قتل موسى دون أن يقتل الذين آمنوا معه لأن قتله أقطع لفتنتهم.
ومعنى :( ذروني ( إعلامهم بعزمه بضرب من إظهار ميله لذلك وانتظاره الموافقة عليه بحيث يمثل حاله وحال المخاطبين بحال من يريد فعل شيء فيصدّ عنه، فلرغبته فيه يقول لمن يصده : دَعْنِي أفعل كذا، لأن ذلك التركيب مما يخاطب به الممانع والملائم ونحوهما، قال طرفة :
فان كنتَ لا تستطيع دفع منيتي
فدَعْنِي أبادرها بما ملكتْ يدي
ثم استعمل هذا في التعبير عن الرغبة ولم يكن ثمة معارض أو ممانع، وهو استعمال شائع في هذا وما يرادفه مثل : دَعْني وخَلِّني، كما في قوله تعالى :( ذرني ومن خلقت وحيداً ( ( المدثر : ١١ ) وقوله :( وذرني والمكذبين ( ( المزمل : ١١ )، وقول أبي القاسم السهيلي :