" صفحة رقم ١٤٢ "
والإِشارة في قوله كذلك : إلى الضلال المأخوذ من قوله :( يُضِلُّ الله ( أي مثل ذلك الضلال يضل الله المسرفين المرتابين، أي أن ضلال المشركين في تكذيبهم محمداً ( ﷺ ) مثل ضلال قوم فرعون في تكذيبهم موسى عليه السلام. والخطاب بالكاف المقترنة باسم الإِشارة خطاب للمسلمين.
والمسرف : المُفْرِط في فعل لا خير فيه. والمرتاب : الشديد الريب، أي الشك.
وإسناد الإِضلال إلى الله كإسناد نفي الهداية إليه في قوله :( إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ( ( غافر : ٢٨ )، وتقدم آنفاً.
وقوله :( الذين يجادلون في آيات الله ( يجوز أن يكون مبتدأ خبره ) كَبُرَ مُقْتاً ( ويجوز أن يكون بدلاً من ( مَن ) في قوله :( من هو مسرف مرتاب ( فبيّن أن مَاصْدَقَ ( مَن ) جماعة لا واحد، فروعي في ) مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرتاب ( لفظ ( مَن ) فأخبر عنه بالإِفراد، وروعي في البدل معنى ( مَن ) فأبدل منه موصول الجمع. وصلة ) الذين ( عُرف بها المشركون من قريش قال تعالى :( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا ( ( فصلت : ٤٠ ) وقال في هذه السورة :( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد ).
واختيار المضارع في ) يجادلون ( لإِفادة تجدد مجادلتهم وتكررها وأنهم لا ينفكون عنها. وهذا صريح في ذمهم وكنايةٌ عن ذم جدالهم الذي أوجب ضلالهم.
وفي الموصولية إيماء إلى علة إضلالهم، أي سببُ خلق الضلال في قلوبهم الإِسراف بالباطل تكررُ مجادلتهم قصداً للباطل. والمجادلة : تكرير الاحتجاج لإِثبات مطلوب المجادل وإبطال مطلوب مَن يخالفهُ قال تعالى :( وجادلهم بالتي هي أحسن ( ( النحل : ١٢٥ )، فمن المجادلة في آيات الله المحاجّة لإِبطال دلالتها، ومنها المكابرة فيها كما قالوا :( قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي


الصفحة التالية
Icon