" صفحة رقم ١٤٣ "
آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ( ( فصلت : ٥ )، ومنها قطع الاستماع لها، كما قال عبد الله بن أُبَيّ بنُ سلول في وقت صراحة كفره للنبيء ( ﷺ ) وقد جاء النبي ( ﷺ ) مجلساً فيه ابن سلول فقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن سلول لاَ أحسنَ مما تقول أيُّها المرءُ ولاَ تَغْشَنَا به في مجالسنا واجلِسْ في رحلك فمن جاءك فاقْرَأ عليه.
و ) بِغَيْرِ سُلْطا نٍ ( مُتعلق ب ) يجادلون، ( والباء للاستعانة، والسلطان : الحجة. والمعنى : أنهم يجادلون بما ليس بحجة ولكن باللَّجاج والاستهزاء. و ) أتاهم ( صفة ل ) سلطان. ( والإِتيان مستعار للظهور والحصول.
وحصول الحجة هو اعتقادها ولَوْحُها في العقل، أي يجادلون جدلاً ليس مما تثيره العقول والنظر الفكري ولكنه تمويه وإسكات.
وجملة ) كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله ( خبر ) إنَّ من باب الإِخبار بالإِنشاء، وهي إنشاء ذمِّ جدالِهم المقصود منه كَمُّ فم الحق، أي كبر جدالهم مَقْتاً عند الله، ففاعل كبر ( ضمير الجدال المأخوذ من ) يجادلون ( على طريقة قوله :( إعدلوا هو أقرب للتقوى ( ( المائدة : ٨ ).
و ) مقتاً تمييز للكُبْر وهو تمييز نسبة محول عن الفاعل، والتقدير : كبر مَقْتُ جدالهم.
وفعل كبر ( هنا ملحق بأفعال الذم مثل : ساء، لأن وزن فَعْل بضم العين يجيء بمعنى : نِعْم وبِئس، ولو كانت ضمة عينه أصلية وبهذا تفظيع بالصراحة بعد أن استفيد من صلة الموصول أن جدالهم هو سبب إضلالهم ذلك الإِضلال المكين، فحصل بهذا الاستئناف تقرير فظاعة جدالهم بطريقي الكناية والتصريح.
والكِبَر : مستعار للشدة، أي مُقِت جدالُهم مَقْتاً شديداً. والمقت : شدة البغض، وهو كناية عن شدة العقاب على ذلك من الله. وكونه مَقتاً عند الله تشنيع لهم وتفظيع.


الصفحة التالية
Icon