" صفحة رقم ١٦٥ "
واليومُ كناية عن القلة، أي يخفف عنا ولو زمناً قليلاً. و ) مِنَ العَذَابِ ( بيان ل ) يوماً ( لأنه أريد به المقدار فاحتاج إلى البيان على نحو التمييز. ويجوز تعلقه ب ) يخفف ).
وجوَابُ خزنة جهنم لهم بطريق الاستفهام التقريري المراد به : إظهارُ سوء صنيعهم بأنفسهم إذ لم يتبعوا الرسل حتى وقعوا في هذا العذاب، وتنديمُهم على ما أضاعوه في حياتهم الدنيا من وسائل النجاة من العقاب. وهو كلام جامع يتضمن التوبيخ، والتنديم، والتحسير، وبيان سبب تجنب الدعاء لهم، وتذكيرهم بأن الرسل كانت تحذرهم من الخلود في العذاب.
والواو في قوله :( أوَلَمْ تَكُ تَأتِيكُم رُسُلُكُم ( لم يعرج المفسرون على موقعها. وهي واو العطف عطف بها ( خزنة جهنم ) كلامهم على كلام الذين في النار من قَبيل طريقة عطف المتكلم كلاماً على كلاممٍ صدر من المخاطب إيماء إلى أن حقه أن يكون من بقية كلامه وأن لا يُغفِله، وهو ما يلقب بعطف التلقين كقوله تعالى :( قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي ( ( البقرة : ١٢٤ ) فإن أهل النار إذا تذكروا ذلك علموا وجاهة تنصل خزنة جهنم من الشفاعة لهم، وتفريع ) فادعو ( على ذلك ظاهر على كلا التقديرين. وهمزة الاستفهام مقدمة من التأخير على التقديرين، لوجوب صدارتها.
وجملة ) وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ( يجوز أن تكون من كلام خزنة جهنم تذييلاً لكلامهم يبين أن قولهم :( فادعو ( مستعمل في التنبيه على الخطأ، أي دعاؤكم لم ينفعكم لأن دعاء الكافرين في ضلال والواو اعتراضية، ويجوز أن تكون من كلام الله تعالى تذييلاً واعتراضاً.
والبينات : الحجج الواضحة والدعَوات الصريحة إلى اتباع الهدى. فلم يسعهم إلا الاعتراف بمجيء الرسل إليهم بالبينات فقالوا : بلى، فرد عليهم خزنة جهنم بالتنصل من أن يدعُوا الله بذلك، إلى إيكال أمرهم إلى أنفسهم بقولهم :( فادعو ( تفريعاً على اعترافهم بمجيء الرسل إليهم بالبينات.


الصفحة التالية
Icon