" صفحة رقم ١٧٣ "
ويتعلق قوله :( بِغَيْرِ سُلْطانٍ ( ب ) يجادلون. ( والباء للمصاحبة، أي مصاحب لهم غير سلطان، أي غير حجة، أي أنهم يجادلون مجادلة عناد وغصْب.
وفائدة هذا القيد تشنيع مجادلتهم وإلا فإن المجادلة في آيات الله لا تكون إلا بغير سلطان لأن آيات الله لا تكون مخالفة للواقع فهذا القيد نظير القيد في قوله :( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ( ( القصص : ٥٠ )، وكذلك وصف ) سلطان ( بجملة ) أتاهم ( لزيادة تفظيع مجادلتهم بأنها عرية عن حجة لديهم فهم يجادلون بما ليس لهم به علم، وتقدم نظير أول هذه الآية في أثناء قصة موسى وفرعون في هذه السورة.
و ) إنْ في قوله : إن في صُدُورِهم إلاَّ كِبْرٌ ( نافية والجار والمجرور خبر مقدم، والاستثناء مفرّغ، و ) كبر ( مبتدأ مؤخَّر، والجملة كلها خبر عن ) الَّذِينَ يُجادلون ). وأطلق الصدور على القلوب مجازاً بعلاقة الحلول، والمراد ضمائر أنفسهم، والعرب يطلقون القلب على العقل لأن القلب هو الذي يحس الإِنسان بحركته عند الانفعالات النفسية من الفرح وضده والاهتماممِ بالشيء. والكِبْر من الانفعالات النفسية، وهو : إدراك الإِنسان خواطر تشعره بأنه أعظم من غيره فلا يرضى بمساواته بَلْهَ متابعته، وتقدم في تفسير قوله تعالى :( إلا إبليس أبى واستكبر ( في سورة البقرة.
والمعنى : ما يحملهم على المجادلة في آيات الله إلا الكِبر على الذي جاءهم بها وليست مجادلتهم لدليل لاح لهم. وقد أثبت لهم الكبرَ الباعثَ على المجادلة بطريق القصر ليُنفَى أن يكون داعيهم إلى المجادلة شيء آخر غير الكِبْر على وجه مؤكد، فإن القصر تأكيد على تأكيد لما يتضمنه من إثبات الشيء بوجه مخصوص مؤكِّد، ومن نفي ما عداه فتضمن جملتين.
وجملة ) ما هُمْ بِبالِغِيه ( يجوز أن تكون معترضة، ويجوز أن تكون في موضع


الصفحة التالية
Icon