" صفحة رقم ١٨٠ "
يؤت بلام الابتداء في قوله في سورة طه ) إن الساعة آتية ( لأن الخطاب لموسى عليه السلام.
وجيء باسم الفاعل في ) آتية ( الذي هو حقيقة في الحال، للإِيماء إلى أنها لما تحققت فقد صارت كالشيء الحاضر المشاهد. والمراد تحقيق وقوعها لا الإِخبار عن وقوعها.
وجملة ) لَّا رَيْبَ فِيهَا ( مؤكدة لجملة ) إنَّ السَّاعة لأتِيَةٌ (، ونُفِي الريب عن نفس الساعة، والمراد نفيه عن إتيانها لدلالة قوله :( آتية ( على ذلك.
ومعنى نفي الريب في وقوعها : أن دلائلها واضحة بحيث لا يُعتد بريب المرتابين فيها لأنهم ارتابوا فيها لعدم الرِويَّةِ والتفكر، وهذا قريب من قوله تعالى :( ذلك الكتاب لا ريب فيه ( ( البقرة : ٢ ).
فموقع الاستدراك الذي في قوله :( ولاكن أكثر الناس لا يؤمنون ( هو ما يثيره نفي الريب عن وقوعها من أن يتساءل متسائل كيف ينفي الريب عنها والريب حاصل لكثير من الناس، فكان الاستدراك بقوله :( ولاكن أكثر الناس لا يؤمنون ( جواباً لذلك السؤال. والمعنى : ولكن أكثر الناس يمرون بالأدلة والآيات وهم معرضون عن دلالتها فيبقون غيرَ مؤمنين بمدلولاتها ولو تأملوا واستنبطوا بعقولهم لظهر لهم من الأدلة ما يؤمنون بعده، فلذلك نفي عنهم هنا وصف الإِيمان.
وهذا الاستدراك استئناف بياني، ولولا أن ( لكنَّ ) يكثر أن تقع بعد واو العطف لكانت الجملة جديرة بالفصل دون عطف، فهذا العطف تحلية لفظية.
و ) أكثر النَّاسِ ( هم المشركون، وهم يومئذٍ أكثر من المؤمنين جداً.
لما كانت المجادلة في آيات الله تشمل مجادلتهم في وحدانية الإِلهية كما دل عليه


الصفحة التالية
Icon