" صفحة رقم ١٩٤ "
يقصد المتعبد من عبادته أن يَراه الناس سواء كان قصداً مجرداً أو مخلوطاً مع قصد التقرب إلى الله. كل ذلك لا يخلو من حصول حظ في تلك العبادة لِغير الله وإن لم يكن ذلك الحظ في جوهرها. وهذا معنى ما جاء في الحديث ( إن الرياء الشرك الأصغر ).
وتقديم ) له ( المتعلق بمخلصين على مفعول ) مخلصين ( لأنه الأهم في هذا المقام به لأنه أشد تعلقاً بمتعلقه من تعلق المفعول بعامله.
يجوز أن تكون إنشاء للثناء على الله كما هو شأن أمثالها في غالب مواقع استعمالها كما تقدم في سورة الفاتحة، فيجوز أن تكون متصلة بفعل ) فادعوه ( على تقدير قول محذوف، أي قائلين، الحمد لله رب العالمين، أو قولوا : الحمد لله رب العالمين، وقرينة المحذوف هو أن مثل هذه الجملة مما يجري على ألسنة الناس كثيراً فصارت كالمثل في إنشاء الثناء على الله. والمعنى : فاعبدوه بالعمل وبالثناء عليه وشكره. ويجوز أن تكون كلاماً مستأنفاً أريد به إنشاء الثناء على الله من نفسه تعليماً للناس كيف يحمدونه، كما تقدم في وجوه نظيرها في سورة الفاتحة. أو جارياً على لسان الرسول ( ﷺ ) على نحو قوله تعالى :( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد للَّه رب العالمين ( ( الأنعام : ٤٥ ) عقب قوله :( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب اللَّه أو أتتكم الساعة أغير اللَّه تدعون إن كنتم صادقين ( الآيات من سورة الأنعام.
وعندي : أنه يجوز أن يكون ) الحمد ( مصدراً جيء به بدلاً من فعله على معنى الأمر، أي أحمدوا اللَّه ربَّ العالمين. وعدل به عن النصب إلى الرفع لقصد الدلالة على الدوام والثبات كما تقدم في أول الفاتحة.


الصفحة التالية
Icon