" صفحة رقم ٢٠٦ "
) وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ( ( البقرة : ١٤٣ ) ولا هو نظير قوله المتقدم ) كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات اللَّه يجحدون ( ( غافر : ٦٣ ).
وقوله :( ذالِكُم بما كنتم تفرحون ( تكملة القيل الذي يقال لهم حينَ إِذْ الإِغلالُ في أعناقهم. والإِشارة إلى ما هم فيه من العذاب. و ( مَا ) في الموضعين مصدرية، أي ذلكم مسبب على فرحكم ومرحكم اللذين كانا لكم في الدنيا، والأرض : مطلقة على الدنيا.
والفرح : المسرة ورضى الإِنسان على أحواله، فهو انفعال نفساني. والمرح ما يَظهر على الفارح من الحركات في مشيه ونظره ومعاملته مع الناس وكلامه وتكبره فهو هيئة ظاهرية.
و ) بِغَيْرِ الحَقِّ ( يتنازعه كل من ) تفرحون ( و ) تمرحون ( أي تفرحون بما يسركم من الباطل وتزدهون بالباطل فمن آثار فرحهم بالباطل تطاولُهم على الرسول ( ﷺ ) ومن المرح بالباطل استهزاؤهم بالرسول ( ﷺ ) والمؤمنين، قال تعالى :( وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين ( ( المطففين : ٣٠، ٣١ ). فالفرح كلما جاء منهياً عنه في القرآن فالمراد به هذا الصنف منه، كقوله تعالى :( إذ قال له قومه لا تفرح إن اللَّه لا يحب الفرحين ( ( القصص : ٧٦ ) لا كلُّ فَرح، فإن الله امتنّ على المؤمنين بالفرح في قوله :( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللَّه ( ( الروم : ٤، ٥ ). وبين ) تفرحون وتمرحون ( الجناس المحرَّف.
وجملة ) ادْخُلوا أبْوَابَ جَهَنَّم ( يجوز أن تكون استنئافاً بيانياً لأنهم لما سمعوا التقريع والتوبيخ وأيقنوا بانتفاء الشفيع ترقبوا ماذا سيؤمر به في حقهم فقيل لهم ) أدْخُلوا أبوَابَ جهنَّم (، ويجوز أن تكون بدل اشتمال من جملة ) ذالِكُم بِمَا كنتم تفرحون ( الخ، فإن مدلول اسم الإِشارة العذابُ المشاهد لهم وهو يشتمل على إدخالهم أبواب جهنم والخلودَ فيها.
ودخول الأبواب كناية عن الكون في جهنم لأن الأبواب إنما جعلت ليسلك منها إلى البيت ونحوه.


الصفحة التالية
Icon