" صفحة رقم ٢١٣ "
قول عمر لما قال له أبو قَتادة يومَ حُنين ( ما شأن الناس ) حين انهزموا وفَرّوا قال عمر :( أَمرُ الله ). وفي العدول عن : إذن الله، إلى ) أَمْرُ الله ( تعريض بأن ما سيظهره الله من الإِذن لمحمد ( ﷺ ) هي آيات عقاب لمعانديه، فمنها : آية الجوع سبع سنين حتى أكلوا الميتة، وآيةُ السيففِ يوم بدر إذْ استأصل صناديدَ المكذبين من أهل مكة، وآية السيففِ يوم حُنين إذ استأصل صناديدَ أهل الطائف، وآية الأحزاب التي قال الله عنها :( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة اللَّه عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ( ( الأحزاب : ٩ ) ثم قال :( وردَّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى اللَّه المؤمنين القتال وكان اللَّه قوياً عزيزاً وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطؤها وكان الله على كل شيء قديراً ( الأحزاب : ٢٥ ٢٧ ).
وفي إيثار قُضِيَ بِالحَق ( بالذكر دون غيره من نحو : ظهر الحق، أو تبين الصدق، ترشيح لما في قوله :( أَمْرُ الله ( من التعريض بأنه أمر انتصاف من المكذبين. ولذلك عطف عليه ) وَخَسِرَ هُنَالِكَ المُبْطِلُونَ ( أي خسر الذين جَادلوا بالباطل ليُدحضوا به الحق.
والخسران : مستعار لحصول الضرّ لمن أراد النفع، كخسارة التاجر الذي أرادَ الربح فذهب رأس ماله، وقد تقدم معناه غير مرة، منها قوله تعالى :( فما ربحت تجارتهم ( في أوائل سورة البقرة.
و ) هنالك ( أصله اسم إشارة إلى المكان، واستعير هنا للإِشارة إلى الزمان المعبر عنه ب ( إذا ) في قوله :( فَإِذَا جَاءَ أمْرُ الله ).
وفي هذه الاستعارة نكتة بديعية وهي الإِيماء إلى أن المبطلين من قريش ستأتيهم الآية في مكان من الأرض وهو مكان بَدر وغيره من مواقع إعمال السيف فيهم


الصفحة التالية
Icon