" صفحة رقم ٢٢١ "
فالذين ( فَرحوا بما عندهم من العلم ) هم ( الذين جَاءتهم رُسُلهم بالبينات )، وهم الذين ( حَاق بهم ما كانوا به يستهزئون )، والذين رأوا بأس الله، فما بنا إلا أن نُبين معنى ) فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِنَ العِلمِ ).
فالفَرَح هنا مكنّى به عن آثاره وهي الازدهاء كما في قوله تعالى :( إذ قال له قومه لا تفرح ( ( القصص : ٧٦ ) أي بما أنت فيه مكنىًّ به هنا عن تمسكهم بما هم عليه، فالمعنى : أنهم جادلوا الرسل وكابروا الأدلة وأعرضوا عن النظر. وما عندهم من العلم هو معتقداتهم الموروثة عن أَهل الضلالة من أسلافهم.
قال مجاهد : قالوا لرسلهم : نحن أعلم منكم لن نُبعث ولن نُعذب اه. وإطلاق العلم على اعتقادهم تهكم وجري على حسب معتقدهم وإلا فهو جهل. وقال السُدّي : فرحوا بما عندهم من العلم بجهلهم يعني فهو من قبيل قوله تعالى :( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ( ( الأنعام : ١٤٨ ).
وحاق بهم : أحاط، يقال : حاق يحيق حيقا، إذا أحاط، وهو هنا مستعار للشدة التي لا تنفيس بها لأن المحيط بشيء لا يدع له مَفرجاً.
و ) مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهزِءُونَ ( هو الاستئصال والعذاب. والمعنى : أن رسلهم أوعدوهم بالعذاب فاستهزؤوا بالعذاب، أي بوقوعه وفي ذكر فعل الكون تنبيه على أن الاستهزاء بوعيد الرسل كان شنشنة لهم، وفي الإتيان ب ) يستهزؤون ( مُضارعاً إفادة لتكرر استهزائهم.
( ٨٤ ٨٥ )
موقع جملة ) فَلَمَّا رَأَوا بَأْسَنَا ( من قوله :( فَلَمَّا جَاءَتْهُم رُسُلهم بِالبيِناتِ ( ( غافر : ٨٣ ) كموقع جملة ) فَلَمَّا جَاءَتْهُم رُسُلهم من قوله : كَانُوا أكْثَرَ مِنْهُم ( ( غافر : ٨٢ ) لأن إفادة ( لمَّا ) معنى التوقيت يثير معنى توقيتتِ انتهاء ما قبلها، أي دام دُعاء الرسل إياهم ودام


الصفحة التالية
Icon