" صفحة رقم ٢٣٣ "
يعنوا بخَير، ولا حَذِرُوا الشر، فلم يأخذوا بالحيطة لأنفسهم وليس عائداً ل ) قوم يعلمون ( لأن الذين يعلمون لا يُعرض أحد منهم.
والفاء في قوله :( فَهُمْ لا يَسْمَعُون ( للتفريع على الإِعراض، أي فهم لا يُلقون أسماعهم للقرآن فضلاً عن تدبره، وهذا إجمال لإِعراضهم. وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في ) فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ( دون أن يقول : فلا يسمعون لإِفادة تقوّي الحكم وتأكيده.
عطف ) وقالوا ( على ) فأعرض ( فصلت : ٤ ) أو حالٌ من أكثرهم ( فصلت : ٤ ) أو عطف على لا يَسْمَعُونَ ( ( فصلت : ٤ )، أو حال من ضميره، والمعنى : أنهم أعرضوا مصرحين بقلة الاكتراث وبالانتصاب للجفاء والعداء. وهذا تفصيل للإعراض عما وُصف به القرآن من الصفات التي شأنها أن تقربهم إلى تلقيه لا أن يَبعدوا ويعرضوا وقد جاء بالتفصيل بأقوالهم التي حرمتهم من الانتفاع بالقرآن واحداً واحداً كما ستعلمه.
والمراد بالقلوب : العقول، حكي بمصطلح كلامهم قولهم إذ يطلقون القلب على العقل.
والأكنة : جمع كنان مثل : غطاء وأغطية وزناً ومعنى، أثبتت لقلوبهم أغطية على طريقة التخييل، وشُبهت القلوب بالأشياء المغطّاة على طريقة الاستعارة المكنية. ووجه الشبه حيلولة وصول الدعوة إلى عقولهم كما يحول الغطاء والغلاف دون تناول ما تحته. ومَا يدعوهم إليه يعم كل ما دعاهم إليه من المدلولات وأدلتها، ومنها دلالة معجزة القرآن وما تتضمنه من دلالة أمية الرسول ( ﷺ ) من نحو قوله تعالى :( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ( ( العنكبوت : ٤٨ ).


الصفحة التالية
Icon