" صفحة رقم ٢٦٩ "
قال تعالى :( أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ( ( ق : ١٥ ). وتقديم متعلق ) تُرْجَعُونَ ( عليه للاهتمام ورعاية الفاصلة.
( ٢٢، ٢٣ )
قلّ من تصدى من المفسرين لبيان اتصال هذه الآيات الثلاث بما قبلها، ومن تصدّى منهم لذلك لم يأت بما فيه مقْنع، وأوْلى كلام في ذلك كلام ابن عطية ولكنه وَجيز وغير محرر وهو وبعض المفسرين ذكروا سبباً لنزولها فزادوا بذلك إشكالاً وما أبانوا انفصالاً. ولنبدأ بما يقتضيه نظم الكلام، ثم نأتي على ما روي في سبب نزولها بما لا يفضي إلى الانفصام.
فيجوز أن تكون جملة ) وَمَا كُنتُم تَسْتتِرُونَ ( بتمامها معطوفة على جملة ) وَهُوَ خَلَقَكُم أوَّلَ مَرَّةٍ ( ( فصلت : ٢١ ) الخ فتكون مشمولة للاعتراض متصلة بالتي قبلها على كلا التأويلين السابقين في التي قبلها. ويجوز أن تكون مستقلة عنها : إمّا معطوفة على جملة ) وَيَوْمَ نَحْشُر أعْدَاءَ الله إلى النَّارِ ( ( فصلت : ١٩ ) الآيات، وإما معترضة بين تلك الجملة وجملةِ ) فَإِنْ يَصبِرُوا فالنَّارُ مَثْوَىً لَهُم ( ( فصلت : ٢٤ )، وتكون الواو اعتراضية، ومناسبة الاعتراض ما جرى من ذكر شهادة سمعهم وأبصارهم وجلودهم عليهم. فيكون الخطاب لجميع المشركين الأحياء في الدنيا، أو للمشركين في يوم القيامة.
وعلى هذه الوجوه فالمعنى : ما كنتم في الدنيا تخفون شرككم وتستترون منه بل كنتم تجهرون به وتفخرون باتباعه فماذا لومكم على جوارحكم وأجسادكم أن شهدت عليكم بذلك فإنه كان أمراً مشهوراً فالاستتار مستعمل في الإخبار مجازاً


الصفحة التالية
Icon