" صفحة رقم ٢٧٣ "
واعلم أن أسباب الضلال في العقائد كلها إنما تأتي على الناس من فساد التأمل وسرعة الإِيقان وعدم التمييز بين الدلائل الصائبة والدلائل المشابهة وكل ذلك يفضي إلى الوهَم المعبر عنه بالظن السيِّىء، أو الباطل. وقد ذكر الله مثله في المنافقين وأن ظنهم هو ظن أهل الجاهلية فقال :( يظنون باللَّه غير الحق ظن الجاهلية ( ( آل عمران : ١٥٤ )، فليحذر المؤمنون من الوقوع في مثل هذه الأوهام فيبُوءُوا ببعض ما نُعي على عبدة الأصنام.
وقد قال النبي ( ﷺ ) ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) يريد الظن الذين لا دليل عليه. و ( أصبحتم ) بمعنى : صرتم، لأن أصبح يكثر أن تأتي بمعنى : صار.
تفريع على جواب ) إذا ( فصلت : ٢٠ ) على كلا الوجهين المتقدمين، أو تفريع على جملة وَقَالُوا لِجُلُودِهِم لِمَ شَهِدْتُم عَلَيْنا ( ( فصلت : ٢١ )، أو هو جواب ) إذا (، وما بينهما اعتراض على حسب ما يناسب الوُجوه المتقدمة. والمعنى على جميع الوجوه : أن حاصل أمرهم أنهم قد زُجَّ بهم في النار فإن صَبَروا واستسلموا فهم باقون في النار، وإن اعتذروا لم ينفعهم العذر ولم يقبل منهم تنصل.
وقوله :( فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُم ( دليل جواب الشرط لأن كون النار مثوى لهم ليس مُسبَّباً على حصول صبرهم وإنما هو من باب قولهم : إن قَبِل ذلك فذاك، أي فهو على ذلك الحال، فالتقدير : فإن يصبروا فلا يَسَعُهم إلا الصبر لأن النار مثوى لهم.
ومعنى ) وَإن يَسْتَعتِبُوا ( إنْ يسألوا العُتْبَى ( بضم العين وفتح الموحدة مقصوراً اسم مصدر الإِعتاب ) وهي رجوع المعتُوب عليه إلى ما يُرضي العاتب.


الصفحة التالية
Icon