" صفحة رقم ٢٨٨ "
والواو إما عاطفة على جملة ) إنَّ الذين قالوا ربُّنا الله ( ( فصلت : ٣٠ )، أو حاليَّة من ) الذينَ قالُوا. والمعنى : أنهم نالوا ذلك إذْ لا أحسن منهم قولاً وعملاً. ومَنْ ( استفهام مستعمل في النفي، أي لا أحد أحسن قولاً من هذا الفريق كقوله :( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه للَّه ( الآية في سورة النساء.
و ) ممن دعا إلى اللَّه ( : كل أحد ثبت له مضمون هذه الصلة. والدعاء إلى شيء : أمر غيرك بالإقبال على شيء، ومنه قولهم : الدعوة العباسية والدعوة العَلوية، وتسمية الواعظ عند بني عبيد بالداعي لأنه يدعو إلى التشيُّع لآل علي بن أبي طالب. فالدعاء إلى الله : تمثيل لحال الآمِرِ بإفراد الله بالعبادة ونبذ الشرك بحال من يدعو أحداً بالإِقبال إلى شخص، وهذا حال المؤمنين حين أعلنوا التوحيد وهو ما وُصفوا به آنفاً في قوله :( إنَّ الَّذِين قالوا ربُّنا ( فصلت : ٣٠ ) كما علمتَ وقد كان المؤمنون يدعون المشركين إلى توحيد الله، وسيّدُ الداعين إلى الله هو محمد. وقوله : مِمَّن دعا إلى الله ( ( مِنْ ) فيه تفضيلية لاسْم ) أَحْسَنُ (، والكلام على حذف مضاف تقديره : من قول من دعا إلى الله. وهذا الحذف كالذي في قول النابغة :
وقد خِفت حتى ما تَزيد مخافتي
على وَعِللٍ في ذي المَطارة عاقل
أي لا تزيد مخافتي على مخافة وعل، ومنه قوله تعالى :( ولكن البر من آمن باللَّه ( الآية في سورة البقرة.
والعمل الصالح : هو العمل الذي يصلُح عامِلُه في دينه ودنياه صلاحاً لا يشوبه فساد، وذلك العمل الجاري على وفق ما جاء به الدين، فالعمل الصالح : هو ما وصف به المؤمنون آنفاً في قوله :( ثمَّ استَقامُوا ( ( فصلت : ٣٠ ).
وأما ) وَقَالَ إنَّني مِنَ المُسْلِمِينَ ( فهو ثناء على المسلمين بأنهم افتخروا بالإسلام واعتزوا به بين المشركين ولم يتستروا بالإسلام.
والاعتزاز بالدين عمل صالح ولكنه خص بالذكر لأنه أريد به غيظ


الصفحة التالية
Icon