" صفحة رقم ٣١١ "
تسلية للرسول ( ﷺ ) ووعد بأن الله يغفر له. ووقوع هذا الخبر عقب قوله :( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ( يومىء إلى أن هذا الوعد جزاء على ما لقيه من الأذى في ذات الله وأن الوعيد للذين آذوه، فالخبر مستعمل في لازمه.
ومعنى المغفرة له : التجاوز عما يلحقه من الحزن بما يسمع من المشركين من أذى كثير. وحرف ) إنَّ ( فيه لإِفادة التعليل والتسبب لا للتأكيد.
وكلمة ) ذو ( مؤذنة بأن المغفرة والعقاب كليهما من شأنه تعالى وهو يضعهما بحكمته في المواضع المستحقة لكل منهما.
ووصف العقاب ب ) أَلِيمٍ ( دون وصف آخر للاشارة إلى أنه مناسب لما عوقبوا لأجله فإنهم آلموا نفس النبي ( ﷺ ) بما عصوا وآذوا.
وفي جملة :( إنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرة وَذُو عِقَاببٍ ألِيم ( مُحسِّن الجمع ثم التقسيم، فقوله :( ما يقال لك ( يجمع قائلاً ومقولاً له فكان الإِيماء بوصف ( ذو مغفرة ) إلى المقول له، ووصف ) ذو عقاب أليم ( إلى القائلين، وهو جار على طريقة اللف والنشر المعكوس وقرينة المقام ترد كُلاًّ إلى مناسبه.
اتصال نظم الكلام من أول السورة إلى هنا وتناسب تنقلاته بالتفريع والبيان والاعتراض والاستطراد يقتضي أن قوله :( ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا ( إلى آخره تنقُّلٌ في دَرجَ إثبات أن قصدهم العناد فيما يتعللون به ليواجهوا إعراضهم عن القرآن والانتفاع بهديه بما يختلقونه عليه من الطعن فيه والتكذيببِ به، وتكلّفُ الأعذار الباطلة ليتستروا بذلك من الظهور في مظهر المنهزم المحجوج، فأخَذ يَنقض دعاويهم عُروة عُروة، إذْ ابتدئت السورة بتحدِّيهم بمعجزة القرآن بقوله :


الصفحة التالية
Icon