" صفحة رقم ٣١٤ "
وأما ما ذكره في ( الكشاف ) :( أنهم كانوا لتعنتهم يقولون : هلا نزل القرآن بلغة العجم ؟ فقيل : لو كان كما يقترحون لم يتركوا الاعتراض والتعنت، وقالوا : لولا فصّلت آياته الخ ). فلم نقف على من ذكر مثله من المفسرين وأصحاب أسباب النزول وما هو إلا من صنف ما روي عن سعيد. ولو كان كذلك لكان نظم الآية : وقالوا لولا فصلت آياته، ولم يكن على طريقة ) لو ( وجوابها. ولا يظن بقريش أن يقولوا ذلك إلا إذا كان على سبيل التهكم والاستهزاء.
وضمير ) جَعَلْناهُ ( عائد إلى ) الذكر في قوله : إنَّ الذِينَ كَفَرُوا بالذِّكْرِ ( فصلت : ٤١ ).
وقوله : أعجمِيٌّ وعَرَبِيٌّ ( بقية ما يقولونه على فرض أن يُجعل القرآن أعجمياً، أي أنهم لا يخلون من الطعن في القرآن على كل تقدير.
و ) لولا ( حرف تحضيض.
ومعنى :( فُصِّلَتْ ( هنا : بيِّنت ووضِّحت، أي لولا جعلت آياته عربية نفهمها.
والواو في قوله :( وَعَرَبِيٌّ ( للعطف بمعنى المعية. والمعنى : وكيف يلتقي أعجمي وعربي، أي كيف يكون اللفظ أعجمياً والمخاطب به عربياً كأنهم يقولون : أيلقى لفظ أعجمي إلى مخاطب عربي.
ومعنى :( قوآناً ( كتاباً مقروءاً. وورد في الحديث تسمية كتاب داود عليه السلام قرآناً، وقال النبي ( ﷺ ) إن داود يُسّر له القرآن فكان يقرأ القرآن كله في حين يسرج له فرسه ( أو كما قال ).
والأعجمي : المنسوب إلى أعجم، والأعجم مشتق من العجمة وهي الإِفصاح، فالأعجم : الذي لا يفصح باللغة العربية، وزيادة الياء فيه للوصف نحو : أحمري ودَوّاري. فالأعجمي من صفات الكلام.
وأفرد ) وَعَرَبِيٌّ ( على تأويله بجنس السامع، والمعنى : أكتاب عربي لسامعين عرب فكان حق ) عربي أن يجمع ولكنه أفرد لأن مبنى الإِنكار على تنافر حالتي الكتاب والمرسل إليهم، فاعتبر فيه الجنس دون أن ينظر إلى إفراد، أو جمع.