" صفحة رقم ٨١ "
ووقوعُه مع ) شديد العقاب ( ومزاوجتها بوصفي ) غافر الذنب وقابل التوب ( ليشير إلى التخويف بعذاب الآخرة من وصف ) شديد العِقَاب (، وبعذاب الدنيا من وصف ) ذِي الطَّوْل ( كقوله :( أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ( ( الزخرف : ٤٢ )، وقوله :( قل إن اللَّه قادر على أن ينزل آية ( ( الأنعام : ٣٧ ). وأعقب ذلك بما يدل على الوحدانية وبأن المصير، أي المرجع إليه تسجيلاً لبطلان الشرك وإفساداً لإِحالتهم البعث.
فجملة ) لا إله إلاَّ هو ( في موضع الصفة، وأتبع ذلك بجملة ) إليه المَصِير ( إنذاراً بالبعث والجزاء لأنه لما أجريت صفات ) غَافِر الذَّنب وقَابِل التَّوببِ شَدِيد العِقَاب ( أثير في الكلام الإِطماعُ والتخويفُ فكان حقيقاً بأن يشعروا بأن المصير إما إلى ثوابه وإما إلى عقابه فليزنوا أنفسهم ليضعوها حيث يلوح من حالهم.
وتقديم المجرور في ) إليه المَصِيرُ ( للاهتمام وللرعاية على الفاصلة بحرفين : حرف لين، وحرف صحيح مثل : العليم، والبلاد، وعقاب.
وقد اشتملت فاتحة هذه السورة على ما يشير إلى جوامع أغراضها ويناسب الخوض في تكذيب المشركين بالقرآن ويشير إلى أنهم قد اعتزوا بقوتهم ومكانتهم وأن ذلك زائل عنهم كما زال عن أمم أشد منهم، فاستوفت هذه الفاتحة كمال ما يطلب في فواتح الأغراض مما يسمى براعة المطلع أو براعة الاستهلال.
استئناف بياني نشأ من قوله :( تَنْزِيلُ الكِتَاببِ مِن الله العَزيز العَليم ( ( غافر : ٢ ) المقتضي أن كون القرآن منزلاً من عند الله أمرٌ لا ريب فيه كما تقدم، فينشأ في نفوس السامعين أن يقولوا : فما بال هؤلاء المجادلين في صدق نسبة القرآن إلى الله لم تقنعهم دلائل نزول القرآن من الله، فأجيب بأنه ما يجادل في صدق القرآن إلا الذين كفروا بالله وإذ قد كان كفر المكذبين بالقرآن أمراً معلوماً كان الإِخبار عنهم


الصفحة التالية
Icon