" صفحة رقم ٨٦ "
أولياؤه من بني هاشم الأخذ بثأره، فأخذ الله الأمم عقوبة لهم على همهم برسلهم فأهلكهم واستأصلهم.
ويفهم من تفريع قوله :( فأخذتهم ( على قوله :( وهَمَّتْ كُلُّ أُمة بِرَسولهم لِيَأْخُذوه ( إنذارُ المشركين أن همهم بقتل الرسول ( ﷺ ) هو منتهى أمد الإِمهال لهم، فإذا صمّموا العزم على ذلك أخذهم الله كما أخذ الأمم المكذبة قبلهم حين همّت كل أمة برسولهم ليأخذوه فإن قريشاً لما همّوا بقتل الرسول ( ﷺ ) أنجاه الله منهم بالهجرة ثم أمكنه من نواصيهم يوم بدر. والمراد ب ) كُلُّ أُمَّة ( كل أمة من الأحزاب المذكورين.
وضمير ) وجادلوا بالباطل ( عائد على ) كُلُّ أُمَّة ). والمقصود : من تعداد جرائم الأمم السابقة من تكذيب الرسل والهمّ بقتلهم والجدال بالباطل تنظير حال المشركين النازل فيهم قوله :( ما يُجَادِلُ في آيَاتتِ الله إلا الذين كَفَرُوا ( ( غافر : ٤ ) بحال الأمم السابقين سواء، لينطبق الوعيد على حالهم أكمل انطباق في قوله :( فأخَذْتهُم فَكَيفَ كَانَ عِقابِ ).
والباء في قوله :( بالباطل ( للملابسة، أي جادلوا ملابسين للباطل فالمجرور في موضع الحال من الضمير، أو الباء لِلآلة بتنزيل الباطل منزلة الآلة لِجدالهم فيكون الظرف لغواً متعلقاً ب ) جادلوا ). وتقييد ) جادلوا ( هذا بقيد كونه ) بالباطل ( يقتضي تقييد ما أطلق في قوله :( مَا يُجَادل في آيات الله إلاَّ الذينَ كَفَرُوا ).
والإِدحاض : إبطال الحجة، قال تعالى :( حجتهم داحضة عند ربهم ( ( الشورى : ١٦ ). والمعنى : أنهم زوروا الباطل في صورة الحقّ وروّجوه بالسفسطة في صورة الحُجَّة ليبْطلوا حجج الحق وكفى بذلك تشنيعاً لكفرهم.
وفُرع على قوله :( فأخذتهم ( قولُه :( فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ( كما فُرّع قوله :( فَلا يَغررك تَقَلُّبهم في البِلاد ( ( غافر : ٤ ) على جملة ) ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ( ( غافر : ٤ )