" صفحة رقم ١٨١ "
في قوله : أم اتخذ مما يخلق بنات ( ( الزخرف : ١٦ ). والتقدير : أأتّخذ مَن ينشأ في الحلية الخ. ولك أن تجعل ) من ينشؤا في الحلية ( بدلاً من قوله ) بنات بدلاً مطابقاً وأبرز العامل في البدل لتأكيد معنى الإنكار لا سيما وهو قد حذف من المبدل منه. وإذ كان الإنكار إنما يتسلط على حكم الخبر كان موجب الإنكار الثاني مغايراً لموجب الإنكار الأول وإن كان الموصوف بما لوصفين اللذيْن تعلق بهما الإنكار موصوفاً واحداً وهو الأنثى.
ونَشْءُ الشيء في حالةٍ أن يكون ابتداءُ وجوده مقارناً لتلك الحالة فتكون للشيء بمنزلة الظرف. ولذلك اجتلب حرف في ( الدّالة على الظرفية وإنما هي مستعارة لِمعنى المصاحبة والملابسة فمعنى ) من ينشؤا في الحلية ( مَن تُجعل له الحلية من أول أوقات كونه ولا تفارقُه، فإن البنت تُتَّخَذُ لها الحلية من أول عمرها وتستصحب في سائر أطوارها، وحسبك أنها شُقّت طرفا أذنيها لتجعل لها فيهما الأقراط بخلاف الصبي فلا يُحلّى بمثل ذلك وما يستدام له. والنَّشْءُ في الحلية كناية عن الضعف عن مزاولة الصعاب بحسب الملازمة العُرفية فيه. والمعنى : أن لا فائدة في اتخاذ الله بنات لا غناء لهن فلا يحصل له باتخاذها زيادة عِزّة، بناء على متعارفهم، فهذا احتجاج إقناعي خطابي.
و ) الخصام ( ظاهره : المجادلة والمنازعة بالكلام والمحاجّة، فيكون المعنى : أن المرأة لا تبلغ المقدرة على إبانة حجتها. وعن قتادة : ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتْها على نفسها، وعنه :( من ينشأ في الحلية ( هنّ الجواري يسفِّههن بذلك، وعلى هذا التفسير درج جميع المفسرين.
والمعنى عليه : أنّهن غير قوادر على الانتصار بالقول فبلأولى لا يقدرْنَ على ما هو أشد من ذلك في الحرب، أي فلا جدوى لاتّخاذهن أولاداً.
ويجوز عندي : أن يحمل الخصامُ على التقاتل والدّفاع باليد فإن الخصم يطلق على المُحارب، قال تعالى :( هذان خصمان اختصموا في ربّهم ( ( الحج : ١٩ ) فُسِّر بأنهم نفر من المسلمين مع نفر من المشركين تقاتلوا يوم بدر.


الصفحة التالية
Icon