" صفحة رقم ١٨٤ "
ذلك الإنكار يشتمل على الوعيد. وهذا خبر مستعمل في التوعد. وكتابة الشهادة كناية عن تحقق العقاب على كذبهم كما تقدم آنفاً في قوله :( وإنه في أُم الكتاب لدينا لعليٌّ حكيم ( ( الزخرف : ٤ ) ومنه قوله تعالى :( سنكتب ما قالوا ( ( آل عمران : ١٨١ ). والسِّين في ) ستكتب ( لتأكيد الوعيد.
والمراد بشهادتهم : ادعاؤهم أن الملائكة إناثاً، وأطلق عليها شهادة تهكماً بهم.
والسؤال سؤال تهديد وإنذار بالعقاب وليس مما يتطلب عنه جواب كقوله تعالى :( ثم لتُسألُنّ يومئذٍ عن النعيم ( ( التكاثر : ٨ )، ومنه قول كعب بن زهير :
لَذاكَ أهيبُ عندي إذْ أُكلمه
وقيل إنّك مَنْسُوبٌ ومَسْؤول
أي مسؤول عما سبق منك من التكذيب الذي هو معلوم للسائِل.
عطف على جملة ) ولئن سألتهم مَن خلق السماوات والأرض ليقولُنّ خلقهن العزيز العليم ( ( الزخرف : ٩ )، فإنها استدلال على وَحدانية الله تعالى وعلى أن معبوداتهم غيرُ أهل لأن تُعْبَد. فحكي هنا ما استظهروه من معاذيرهم عند نهوض الحجة عليهم يرومون بها إفحام النبي ( ﷺ ) والمسلمين فيقولون : لو شاء الله ما عبَدْنا الأصنام، أي لو أن الله لا يحب أن نعبدها لكان الله صرفنا عن أن نعبدها، وتوهموا أن هذا قاطع لجدال النبي ( ﷺ ) لهم لأنهم سمعوا من دينه أن الله هو المتصرف في الحوادث فتأولوه على غير المراد منه. فضمير الغيبة في ) ما عبدناهم ( عائد إلى معلوم من المقام ومن ذكر فعل العبادة لأنهم كانوا يعبدون الأصنام وهم الغالب، وأقوام منهم يعبدون الجنّ قال تعالى :( بل كانوا يعبدون الجنّ ( ( سبأ : ٤١ ).
قال ابن مسعود : كان نفر من العرب يعبدون الجنّ، وأقوام يعبدون الملائكة مثل بني مُلَيْح بضم الميم وفتح اللام وبحاء مهملة وهم حيّ من خزاعة. فضمير جمع


الصفحة التالية
Icon