" صفحة رقم ١٩٣ "
وسين الاستقبال مؤذنة بأنه أخبرهم بأن هداية الله إياه قد تمكنت وتستمر في المستقبل، ويفهم أنها حاصلة الآن بفحوى الخطاب.
وتوكيد الخبر ب ( إنّ ) منظور فيه إلى حال أبيه وقومه لأنهم ينكرون أنه الآن على هدى فهم ينكرون أنه سيكون على هدى في المستقبل.
عطف على ) إذ قال إبراهيم ( ( الزخرف : ٢٦ ) أي أعلن تلك المقالة في قومه معاصريه وجعلها كلمة باقية في عقبه ينقلونها إلى معاصريهم من الأمم. إذ أوصى بها بنيه وأن يوصوا بَنِيهم بها، قال تعالى في سورة البقرة ( ١٣١ ١٣٢ ) ) إذ قال لَه ربّه أسلم قال أسلمت لربّ العالمين وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بَنِيَّ إن الله اصطفى لكم الدّين فلا تموتُنّ إلاّ وأنتم مسلمون (، فبتلك الوصية أبقى إبراهيم توحيد الله بالإلاهية والعبادة في عقبه يبثونه في النّاس. ولذلك قال يوسف لصاحبيه في السجن ) يا صاحبيَ السجن آربْاب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ( ( يوسف : ٣٩ ) وقال لهما ) إنّي تركتُ ملة قوممٍ لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعتُ ملة آبائِيَ إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ( إلى قوله :( ولكن أكثر النّاس لا يعلمون ( ( يوسف : ٣٧ ٤٠ ).
فضمير الرفع في ) جعلها ( عائد إلى إبراهيم وهو الظاهر من السياق والمناسب لقوله :( لعلهم يرجعون ( ولأنه لم يتقدم اسم الجلالة ليعود عليه ضمير ) جعلها ). وحكى في ( الكشاف ) إنه قيل : الضمير عائد إلى الله وجزم به القرطبي وهو ظاهر كلام أبي بكر بن العربي.
والضمير المنصوب في قوله :( وجعلها ( عائد إلى الكلام المتقدم. وأنث الضمير لتأويل الكلام بالكلمة نظراً لوقوع مفعوله الثاني لفظ ) كلمة ( لأن الكلام يطلق عليه ) كلمة ( كقوله تعالى في سورة المؤمنين ) إنها كلمةٌ هو قائلها (، أي


الصفحة التالية
Icon