" صفحة رقم ٢١٧ "
الرحمن ( الزخرف : ٣٦ ) كما ذكرناه هنالك، فظهرت المناسبة بين وصفهم بالعشا وبين ما في هذا الانتقال لوصفهم بالصمّ العمْي.
وعطف ومن كان في ضلال مبين ( فيه معنى التذييل لأنه أعم من كل من الصمّ والعُمْي باعتبار انفرادهما، وباعتبار أن الصّمَمَ والعَمَى لما كانا مجازين قد يكون تعلقهما بالمسموع والمبصَر جزئياً في حالة خاصة فكان الوصف بالكون في الضلال المبين تنبيهاً على عموم الأحوال وهو مع ذلك ترشيح للاستعارة لأن اجتماع الصمم والعمَى أبين ضلالاً.
( ٤١، ٤٢ )
تفريع على جملة ) أفأنت تسمع الصم ( ( الزخرف : ٤٠ ) إلى آخرها المتضمنة إيماء إلى التأييس من اهتدائهم، والصريحة في تسلية النبي ( ﷺ ) من شدة الحرص في دعوتهم، فجاء هنا تحقيق وَعد بالانتقام منهم، ومعناه : الوعد بإظهار الدِين إن كان في حياة النبي ( ﷺ ) أو بعد وفاته، ووعيدهم بالعقاب في الدّنيا قبل عقاب الآخرة، فلأجل الوفاء بهذين الغرضين ذُكر في هذه الجملة أمران : الانتقام منهم لا محالة، وكونُ ذلك واقعاً في حياة الرّسول ( ﷺ ) أو بعد وفاته. والمفرّع هو ) فإنا منهم منتقمون ( وما ذكر معه، فمراد منه تحقق ذلك على كل تقدير.
و ( إما ) كلمتان متصلتان أصلهما ( إنْ ) الشرطية و ( مَا ) زائدة بعد ( إنْ )، وأدغمت نون ( إنْ ) في الميم من حرف ( مَا )، وزيادةُ ( ما ) للتأكيد، ويكثر اتصال فعل الشرط بعد ( إن ) المزيدة بعدها ( ما ) بنون التوكيد زيادة في التأكيد، ويكتبونها بهمزة وميم وألف تبعاً لحالة النطق بها.
والذهاب به هنا مستعمل للتوفي بقرينة قوله :( أو نرينك الذي وعدناهم ( لأن الموت مُفارقة للأحياء فالإماتَةُ كالانتقال به، أي تغييبه ولذلك يعبر عن الموت بالانتقال. والمعنى : فإما نتوفينك فإنا منهم منتقمون بعد وفاتك.