" صفحة رقم ٢٢١ "
المعدود أبلغ كلام من كلامهم في الإيجاز إذ وقَف، واستوقف، وبكى واستبكى. وذكر الحبيب، والمنزل في مِصراع. وهذه الآية لا تتجاوز مقدار ذلك المِصراع وعِدة معانيها عشرة في حين كانت معاني مصراع امرىء القيس ستة مع ما تزيد به هذه الآية من الخصوصيات، وهي التأكيد ب ( إنَّ ) واللام والكناية ومحسِّن التوجيه.
والذكر يحتمل أن يكون ذِكرَ العقل، أي اهتداءه لِما كان غير عالم به، فشبه بتذكر الشيء المنسيّ وهو ما فَسر به كثير الذكرَ بالتذكير، أي الموعظة. ويحتمل ذِكر اللّسان، أي أنه يكسبك وقومك ذكراً، والذكر بهذا المعنى غالب في الذِكر بخبره.
والمعنى : أن القرآن سبب الذكر لأنه يكسب قومه شرفاً يُذكرون بسببه. وقد روي هذا التفسير عن عليّ وابن عباس في رواية ابن عدي وابن مردويه قال القرطبي :( ونظيره قوله تعالى :( وإنه لذكر لك ولقومك ( يعني القرآن شرف لك ولقومك من قريش، فالقرآن نزل بلسان قريش فاحتاج أهل اللّغات كلها إلى لسانهم كلُّ من آمن بذلك فشرفوا بذلك على سائر أهل اللّغات ). وقال ابن عطية ( قال ابن عباس كان رسول الله ( ﷺ ) يعرض نفسه على القبائل فإذا قالوا له : فَلِمنْ يكون الأمر بعدك ؟ سكتَ حتى إذا نزلت هذه الآية فكان إذا سُئل عن ذلك قال : لقريش ). ودرج عليه كلام ( الكشاف ).
ففي لفظ ) ذِكْر ( محسن التوجيه فإذا ضم إليه أن ذكره وقومه بالثناء يستلزم ذم من خالفهم كان فيه تعريض بالمعرضين عنه. وقومه هم قريش لأنهم المقصود بالكلام أو جميع العرب لأنهم شُرفوا بكون الرّسول الأعظم ( ﷺ ) منهم ونزول القرآن بلغتهم، وقد ظهر ذلك الشرف لهم في سائر الأعصر إلى اليوم، ولولاه ما كان للعرب من يشعر بهم من الأمم العظيمة الغالبة على الأرض.
وهذا ثناء سابع على القرآن.
والسؤال في قوله :( وسوف تسألون ( سؤال تقرير. فسؤال المؤمنين عن