" صفحة رقم ٢٥١ "
استئناف بياني بتنزيل سامع قوله :( فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ( ( الزخرف : ٦٥ ) مَنزلةَ من يطلب البيان فيسأل : متى يحلّ هذا اليوم الأليم ؟ وما هو هذا الويل ؟ فوردت جملة ) هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ( جواباً عن الشقّ الأول من السؤال، وسيجيء الجواب عن الشق الثاني في قوله :( الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضضٍ عدوّ ( ( الزخرف : ٦٧ ) وفي قوله :( إن المجرمين في عذاب جهنم ( ( الزخرف : ٧٤ ) الآيات.
وقد جرى الجواب على طريقة الأسلوب الحكيم، والمعنى : أن هذا العذاب واقع لا محالة سواء قرب زمان وقوعه أم بعُد، فلا يريبكم عدم تعجيله قال تعالى :( قل أرأيتم إن أتاكم عذابُه بَيَاتاً أو نهاراً ماذا يستعجل منه المجرمون ( ( يونس : ٥٠ )، وقد أشعر بهذا المعنى تقييد إتيان الساعة بقيد ) بغتة ( فإن الشيء الذي لا تسبقه أمارة لا يُدرَى وقتُ حلوله.
و ) ينظرون ( بمعنى ينتظرون، والاستفهام إنكاري، أي لا ينتظرون بعد أن أشركوا لحصول العذاب إلا حلولَ الساعة. وعبر عن اليوم بالساعة تلميحاً لسرعة ما يحصل فيه.
والتعريف في ) الساعة ( تعريف العهد. والبغتة : الفجأة، وهي : حصول الشيء عن غير ترقّب.
و ) أن تأتيهم ( بدل من ) الساعة ( بدلاً مطابقاً فإن إتيان الساعة هو عين الساعة لأن مسمى الساعة حلول الوقت المعيّن، والحلول هو المجيء المجازي المراد هنا.
وجملة ) وهم لا يشعرون ( في موضع الحال من ضمير النصب في ) تأتيهم ). والشعور : العلم بحصول الشيء الحاصل.
ولما كان مدلول ) بغتة ( يقتضي عدم الشعور بوقوع الساعة حين تقع عليهم كانت جملة الحال مؤكدة لِلجملة التي قبلها.


الصفحة التالية
Icon