" صفحة رقم ٢٥٦ "
و ) الأنفس ( فاعل ) تلَذّ ( وحْذف المفعول لظهوره من المقام.
وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم وأبو جعفر ) ما تشتهيه ( بهاء ضمير عائد إلى ) ما ( الموصولة وكذلك هو مرسوم في مصحف المدينة ومصحف الشام، وقرأه البَاقون ) ما تشتهي ( بحذف هاء الضمير، وكذلك رُسم في مصحف مكة ومصحف البصرة ومصحف الكوفة. والمروي عن عاصم قارىء الكوفة روايتان : إحداهما أخذ بها حفص والأخرى أخذ بها أبو بكر. وحذف العائد المتصل المنصوب بفعل أو وصف من صلة الموصول كثير في الكلام.
وقوله :( وأنتم فيها خالدون ( بشارة لهم بعدم انقطاع الحَبْرة وسعة الرزق ونيل الشهوات، وجيء فيه بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبات تأكيداً لحقيقة الخلود لدفع توهم أن يراد به طول المدة فحسب.
وتقديم المجرور للاهتمام، وعطف على بعض ما يقال لهم مقول آخر قُصد منه التنويه بالجنة وبالمؤمنين إذ أُعطوها بسبب أعمالهم الصالحة، فأشير إلى الجنة باسم إشارة البعيد تعظيماً لشأنها وإلا فإنها حاضرة نصب أعينهم.
وجملة ) وتلك الجنة التي أورثموها ( الآية تذييل للقول. واسم الإشارة مبتدأ و ) الجنة ( خبره، أي تلك التي تَرونها هي الجنة التي سمعتم بها ووُعدتم بدخولها. وجملة ) التي أورثتموها بما كنتم تعملون ( صفة للجنة.
واستعير ) أورثتموها ( لمعنى : أُعطيتموها دون غيركم، بتشبيه إعطاء الله المؤمنين دون غيرهم نعيم الجنة بإعطاء الحاكم مال الميت لوارثه دون غيره من القرابة لأنه أولى به وآثرُ بنيله.
والباء في ) بما كنتم تعملون ( للسببية وهي سببية بجعل الله ووعده، ودل قوله ) كنتم تعملون ( على أن عملهم الذي استحقّوا به الجنة أمر كائن متقرر، وأن عملهم ذلك متكرر متجدد، أي غير منقطع إلى وفاتهم.


الصفحة التالية
Icon