" صفحة رقم ٢٥٧ "
وجملة ) لكم فيها فاكهة ( صفة ثانية للجنة. والفاكهة : الثمار رطبها ويابسها، وهي من أحسن ما يستلذّ من المآكل، وطعومُها معروفة لكل سامع.
ووجه تكرير الامتنان بنعيم المأكل والمشرب في الجنة : أن ذلك من النعيم الذي لا تختلف الطباع البشرية في استلذاذه، ولذلك قال :( منها تأكلون ( كقوله تعالى :( كُلوا من ثمرهِ إذا أثمر ( ( الأنعام : ١٤١ ).
( ٧٤، ٧٥ )
لهذه الجملة موقعان :
أحدهما : إتمام التفصيل لما أجمله الوعيد الذي في قوله تعالى :( فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ( ( الزخرف : ٦٥ ) عقب تفصيل بعضه بقوله :( هل ينظرون إلا الساعة ( ( الزخرف : ٦٦ ) الخ. وبقوله :( الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدوٌ ( ( الزخرف : ٦٧ ) حيث قطع إتمام تفصيله بالاعتناء بذكر وعد المؤمنين المتقين فهي في هذا الموقع بيان لجملة الوعيد وتفصيل لإجمالها.
الموقع الثاني : أنها كالاستئناف البياني يثيره ما يُسمع من وصف أحوال المؤمنين المتقين من التساؤل : كيف يكون حال أضدادهم المشركين الظالمين.
والموقعان سواء في كون الجملة لا محلّ لها من الإعراب.
وافتتاح الخبر ب ) إنّ ( للاهتمام به، أو لتنزيل السائل المتلهففِ للخبر منزلة المتردّد في مضمونه لشدة شوقه إليه، أو نظراً إلى ما في الخبر من التعريض بإسماعه المشركين وهم ينكرون مَضْمُونَهُ فكأنه قيل : إنكم أيها المجرمون في عذاب جهنم خالدون.
والمجرمون : الذين يفعلون الإجرام، وهو الذنب العظيم. والمراد بهم هنا : المشركون المكذبون للنبيء ( ﷺ ) لأن السياق لهم، ولأن الجملة بيان لإجمال وعيدهم في قوله :( فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ( الزخرف : ٦٥ )، ولأن جواب الملائكة نداءهم


الصفحة التالية
Icon