" صفحة رقم ٢٦٧ "
والمعنى : فأعرض عنهم في حال خَوضهم في الأحاديث ولَعِبهم في مواقع الجد حين يهزأوون بالإسلام. واللعب : المزح والهزل.
وجُزم فعل ) يخوضوا ويلعبوا ( بلام الأمر محذوفة وهو أولى من جعله جزماً في جواب الأمر، وقد تكرر مثله في القرآن فالأمر هنا مستعمل في التهديد من قبيل ) اعملوا ما شئتم ( ( فصلت : ٤٠ ).
وقرأ الجمهور ) يلاقوا ( بضم الياء وبألف بعد اللام، وصيغة المفاعلة مجاز في أنه لقاء مُحقق. وقرأه أبو جعفر ) يَلْقوا ( بفتح الياء وسكون اللام على أنه مضارع المُجرد.
عطف على جملة ) قل إن كان للرحمان ولد ( ( الزخرف : ٨١ ) والجملتان اللتان بينهما اعتراضان، قصد من العطف إفادة نفي الشريك في الإلاهية مطلقاً بعد نفي الشريك فيها بالبُنوة، وقصد بذكر السماء والأرض الإحاطة بعوالم التدبير والخلق لأن المشركين جعلوا لله شركاء في الأرض وهم أصنامهم المنصوبة، وجعلوا له شركاء في السماء وهم الملائكة إذ جعلوهم بنات لله تعالى فكان قوله :( في السماء إلاه وفي الأرض إلاه ( إبطالاً للفريقين مما زُعمت إلاهيتُهم. وكان مقتضى الظاهر بهذه الجملة أن يكون أوَّلها ) الذي في السَّماء إلاه ( على أنه وصف للرحمان من قوله :( إن كان للرحمان ولد ( ( الزخرف : ٨١ )، فعُدل عن مقتضى الظاهر بإيراد الجملة معطوفة لتكون مستقلة غير صفة، وبإيراد مبتدأ فيها لإفادة قصر صفة الإلاهية في السماء وفي الأرض على الله تعالى لا يشاركه في ذلك غيره، لأن إيراد المسند إليه معرفة والمسند معرفة طريق من طرق القصر. فالمعنى وهو لا غيره الذي في السماء إلاه وفي الأرض إلاه، وصلة ) الذي ( جملة اسمية حذف صدرها، وصَدرُها ضمير يعود إلى معاد ضمير ) وهو ( وحذْفُ صدر الصلة استعمال حسن إذا طالت الصلة كما هنا. والتقدير : الذي هو في السماء إلاه.