" صفحة رقم ٢٩١ "
( ١٣، ١٤ )
هذه الجملة جعلها جميع المفسرين جواباً عن قول القائلين ) ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ( ( الدخان : ١٢ ) تكذيباً لوعدهم، أي هم لا يتذكرون، وكيف يتذكرون وقد جاءهم ما هو أقوى دلالة من العذاب وهي دلائل صدق الرسول ( ﷺ ) وأمَّا على التأويل الذي انتزعناه من تركيب الآية فهي جملة مستأنفة ناشئة عن قوله :( بل هم في شككٍ يلعبون ( ( الدخان : ٩ ) وهي كالنتيجة لها لأنهم إذا كانوا في شك يلعبون فقد صاروا بُعداء عن الذكرى.
و ) أنَّى ( اسم استفهام أصله استفهام عن أمكنة حصول الشيء ويتوسعون فيها فيجعلونها استفهاماً عن الأحوال بمعنى ( كيف ) بتنزيل الأحوال منزلة ظروف في مكان كما هنا بقرينة قوله :( وقد جاءهم رسول مبين ). والمعنى : من أين تحصل لهم الذكرى والمخافة عند ظهور الدخان المبين وقد سدت عليهم طرقها بطعنهم في الرسول ( ﷺ ) الذي أتاهم بالتذكير.
والاستفهام مستعمل في الإنكار والإحالة، أي كيف يتذكرون وهم في شك يلعبون وقد جاءهم رسول مبين فتولوا عنه وطعنوا فيه. فجملة ) وقد جاءهم ( في موضع الحال.
و ) مبين ( اسم فاعل إما من أبان المتعدّي، وحذف مفعوله لدلالة ) الذِكرى ( عليه، أي مبين لهم ما به يتذكرون، ويجوز أن يكون من أبان القاصر الذي هو بمعنى بانَ، أي رسول ظاهر، أي ظاهرة رسالته عن الله بما توفر معها من دلائل صدقه.
وإيثار ) مبين ( بتخفيف الياء على ) مبيّن ( بالتشديد من نكتتِ الإعجاز ليفيد المعنيين.
و ) ثم ( للتراخي الرتبي وهو ترقَ من مفاد قوله :( بل هم في شك يلعبون ( الدخان : ٩ ) الذي اتصلت به جملة كانت جملة وقد جاءهم رسول مبين ( من متعلِّقاتها.