" صفحة رقم ٣٢١ "
) والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلةٍ مباركةٍ ( ( الدخان : ٢، ٣ ) الخ، والذي كان جلّ غرض السورة في إثبات إنزاله من الله كما أشار إليه افتتاحها بالحروف المقطعة، وقوله :( والكتاب المبين، فهذا التفريع مرتبط بذلك الافتتاح وهو من ردّ العجز على الصدر. فهذا التفريع تفريع لمعنى الحصر الذي في قوله : فإنما يسرناه بلسانك ( لبيان الحكمة في إنزال القرآن باللسان العربي فيكون تفريعاً على ما تقدم في السورة وما تخلله وتبعه من المواعظ.
ويجوز أن يكون المفرع قوله :( لعلهم يتذكرون ). وقدم عليه ما هو توطئة له اهتماماً بالمقدم وتقدير النظم فلعلهم يتذّكرون بهذا لما يسّرناه لهم بلسانهم.
والقصر المستفاد من ( إنما ) قصر قلب وهو رد على المشركين إذ قد سهَّل لهم طريق فهمه بفصاحته وبلاغته فقابلوه بالشك والهزء كما قصه الله في أول السورة بقوله :( بل هم في شَككٍ يلعبون ( ( الدخان : ٩ ) أي إنا جعلنا فهمه يسيراً بسبب اللغة العربية الفصحى وهي لغتهم إلا ليتذكروا فلم يتذكروا. فمفعول ) يسرناه ( مضاف مقدر دل عليه السياق تقديره : فهمه.
والباء في ) بلسانك ( للسببية، أي بسبب لغتك، أي العربية وفي إضافة اللسان إلى ضمير النبي ( ﷺ ) عناية بجانبه وتعظيم له، وإلا فاللسان لسان العرب كما قال تعالى :( وما أرسلنا من رسوللٍ إلا بلسان قومه ( ( إبراهيم : ٤ ).
وإطلاق اللسان وهو اسم الجارحة المعروفة في الفم على اللّغة مجاز شائع لأن أهم ما يستعمل فيه اللسان الكلام قال تعالى :( بلساننٍ عربيٍ مبينٍ ( ( الشعراء : ١٩٥ ).
وأفصح قوله ) لعلهم يتذكرون ( عن الأمر بالتذكير بالقرآن. والتقدير : فذكّرهم به ولا تسأم لعنادهم فيه ودم على ذلك حتى يحصل التذكر، فالتيسير هنا تسهيل الفهم، وتقدم عند قوله تعالى :( فإنما يسرّناه بلسانك لتبشر به المتقين الخ في سورة مريم.
و ( لعلّ ) مستعملة في التعليل، أي لأجل أن يتذكّروا به، وَهَذَا كقوله : وهذا كتابٌ مصدقٌ لساناً عربياً لتنذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين ( ( الأحقاف : ١٢ ).