" صفحة رقم ٣٣٠ "
ويجوز أن تكون الإشارة إلى حاضر في الذهن غير مذكور لما دَل عليه قوله :( الكتاب ( ( الجاثية : ٢ ) أي تلك آيات الله المنزلة في القرآن، فيكون استعمال فعل ) نتلوها ( في حقيقته.
وإسناد التلاوةِ إلى الله مجاز عقلي أيضاً لأن الله موجد القرآن المتلو الدال على تلك الآيات.
وقوله :( فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون (، و ) بعد ( هنا بمعنى ( دون ). فالمعنى : فبأي حديث دون الله وآياته، وتقدم قوله تعالى :( ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده ( في سورة الشورى، وفي الأعراف ) فبأي حديث بعده يؤمنون ). والاستفهام في قوله :( فبأي حديث ( مستعمل في التأييس والتعجيب كقول الأعشى :
فمن أيِّ ما تأتي الحوادث أفرَقُ
وإضافة ) بعد ( إلى اسم الجلالة على تقدير مضاف دل عليه ما تقدم من قوله :( فبأي حديث (، والتقدير : بعد حديث الله، أي بعد سماعه، كقول النابِغة :
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي
على وعل في ذي المطارة عاقل
أي على مخافة وعل.
واسم ) بعد ( مستعمل في حقيقته.
والمراد بالحديث : الكلام، يعني القرآن كقوله :( الله نَزَّل أحسن الحديث ( ( الزمر : ٢٣ ) وكما وقع إضافة حديث إلى ضمير القرآن في قوله في الأعراف ) فبأيّ حديث بعده يؤمنون ( وفي آخر المرسلات ) فبأيّ حديث بعده يؤمنون ).
وعطف و ) آياته ( على ) حديث ( لأن المراد بها الآيات غير القرآن من دلائل السموات والأرض مما تقدم في قوله :( إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين ( ( الجاثية : ٣ ).


الصفحة التالية
Icon