" صفحة رقم ٣٣٢ "
وبخاصة زعماء أهل الشرك وأيمة الكفر مثل النضْر بننِ الحارث، وأبي جهل وقرنائهم. و ) آيات الله ( أي القرآن فإنها المتلوة. و ) ثم ( للتراخي الرتبي لأن ذلك الإصرار بعد سماع مثل تلك الآيات أعظم وأعجب، فهو يصر عند سماع آيات الله وليس إصراره متأخراً عن سماع الآيات.
والإصرار : ملازمة الشيء وعدم الانفكاك عنه، وحُذف متعلق ) يصِرّ ( لدلالة المقام عليه، أي يُصرُّون على كفرهم كما دل على ذلك قوله :( فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ( ( الجاثية : ٦ ).
وشبه حالهم في عدم انتفاعهم بالآيات بحالهم في انتفاء سماع الآيات، وهذا التشبيه كناية عن وضوح دلالة آيات القرآن بحيث أن من يسمعها يصدق بما دلت عليه فلولا إصرارهم واستكبارهم لانتفعوا بها.
و ) كَأنْ ( أصلها ( كأنَّ ) المشددة فخففت فقدر اسمها وهو ضمير الشأن. وفرّع على حالتهم هذه إنذارهم بالعذاب الأليم وأطلق على الإنذار اسم البشارة التي هي الإخبار بما يسر على طريقة التهكم.
والمراد بالعلم في قوله :( وإذا علم من آياتنا شيئاً ( السمع، أي إذا ألقى سمعه إلى شيء من القرآن اتخذه هُزؤاً، أي لا يَتلقى شيئاً من القرآن إلا ليجعله ذريعة للهزء به، ففعل ) عَلِم ( هنا متعدّ إلى واحد لأنه بمعنى عَرف.
وضمير التأنيث في ) اتخذها ( عائد إلى ) آياتنا (، أي اتخذ الآيات هزؤاً لأنه يستهزىء بما علمه منها وبغيره، فهو إذا علم شيئاً منها استهزأ بما علمه وبغيره.
ومعنى اتخاذهم الآيات هزؤاً : أنهم يلوكونها بأفواههم لوك المستهزىء بالكلام، وإلا فإن مطلق الاستهزاء بالآيات لا يتوقف على العِلم بشيء منها. ومن الاستهزاء ببعض الآيات تحريفُها على مواضعها وتحميلها غير المراد منها عمداً للاستهزاء، كقول أبي جهل لما سَمِع ) إنَّ شجرة الزقوم طعام الأثيم ( ( الدخان : ٤٣، ٤٤ ) تجاهل بإظهار أن الزقوم اسم


الصفحة التالية
Icon