" صفحة رقم ٣٥٩ "
وقرأ الجمهور ) غشاوة ( بكسر الغين وفتح الشين بعدها ألف. وقرأه حمزة والكسائي وخلف ) غَشْوةٌ ( بفتح الغين وسكون الشين وهو من التسمية بالمصدر وهي لغة. وتقدم معنى الختم والغشاوة في أول سورة البقرة.
وفرع على هذه الصلة استفهام إنكاري أن يكون غيرُ الله يستطيع أن يهديهم، والمراد به تسلية النبي ( ﷺ ) لشدة أسفه لإعراضهم وبقائهم في الضلالة.
و ) من بعد الله ( بمعنى : دون الله، وتقدم عند قوله تعالى :( فبأيّ حديثثٍ بعده يؤمنون آخر سورة الأعراف.
وفرع على ذلك استفهام عن عدم تذكر المخاطبين لهذه الحقيقة، أي كيف نَسُوها حتى ألحُّوا في الطمع بهداية أولئك الضالّين وأسفوا لعدم جدوى الحجة لديهم وهو استفهام إنكاري.
ومن المفسرين من حمل مَن ( الموصولة في قوله ) أفرأيت من اتخذ إلاهه هواه ( على معيَّن فقال مقاتل : هو أبو جهل بسبب حديث جرى بينَه وبين الوليد بن المغيرة كانا يطوفان ليلة فتحدثا في شأن النبي ( ﷺ ) فقال أبو جهل : والله إني لأعْلَم إنه لصادق فقال له المغيرة : مَهْ، وما دَلَّكَ على ذلك، قال : كنّا نسميه في صباه الصادق الأمين فلما تمّ عقله وكمل رشده نسميه الكذاب الخائن قال : فما يمنعك أن تؤمن به قال : تتحدث عني بنات قريش أني قد اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كِسرَة، واللاتتِ والعُزّى إنْ اتبعتُه أبداً فنزلت هذه الآية. وإذا صح هذا فإن مطابقة القصة لقوله تعالى :( وأضله الله على علم ( ظاهرة. وعن مقاتل أيضاً : أنها نزلت في الحارث بن قيس السهمي أحد المستهزئين كان يَعْبُد من الأصنام ما تهواه نفسه.
وهذه الآية أصل في التحذير من أن يكون الهوى الباعث للمؤمنين على أعمالهم ويتركوا اتباع أدلة الحق، فإذا كان الحق محبوباً لأحد فذلك من التخلق بمحبة الحق تبعاً للدليل مثل ما يهوى المؤمن الصلاة والجماعة وقيامَ رمضان وتلاوة القرآن وفي الحديث ( أرِحْنا بها يا بلال ) يعني الإقامة للصلاة. وعن عبد الله بن عمْرو بن


الصفحة التالية
Icon