" صفحة رقم ٣٧٣ "
وتأوله ابن عطية بأن معناه إن نظن بعدَ قبول خبركم إلا ظنًّا وليس يعطينا يقيناً اه، أي فهو إبطالهم لخصوص قول المسلمين : الساعة لا ريب فيها.
وأما إشكاله من جهة النظم فمرجع الإشكال إلى استثناء الظن من نفسه في قوله :( إن نظن إلا ظناً ( فإن الاستثناء المفرغ لا يصح أنْ يكون مفرغاً للمفعول المطلق لانتفاء فائدة التفريع. والخلاصُ من هذا ما ذهب إليه ابن هشام في ( مغني اللّبيب ) أن مصحح الاستثناء الظن من نفسه أن المسْتثنَى هو الظن الموصوفُ بما دل عليه تنكيره من التحقير المشعرِ به التنوينُ على حد قول الأعشى :
أحل به الشيب أثْقاله
وما اغتره الشيبُ إلا اغترارا
أي، إلا ظناً ضعيفاً.
ومفعولا ) نظن ( محذوفان لدليل الكلام عليهما. والتقدير : إن نظن الساعةَ واقعة.
وقولهم :( وما نحن بمستيقنين ( يفيد تأكيد قولهم ) ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظناً (، وعطفه عطف مرادف، أي للتشريك في اللفظ. والسين والتاء في ) بمستيقنين ( للمبالغة في حصول الفعل.
عطف على جملة ) أفلم تكن آياتي تتلى عليكم ( ( الجاثية : ٣١ ) باعتبار تقدير : فيقال لهم، أي فيقال لهم ذلك ) وبدا لهم سيئات ما عملوا (، أي جُمع لهم بين التوبيخ والإزعاج فوبخوا بقوله :( أفلم تكن آياتي تتلى عليكم ( إلى آخره، وأُزعجوا بظهور سيئات أعمالهم، أي ظهور جزاء سيئاتهم حين رأوا دار العذاب وآلاته رؤيةَ من يوقن بأنها مُعَدة له وذلك بعِلم يحصل لهم عند رؤية الأهوال.