" صفحة رقم ١٠١ "
ويجوز أن يكون السؤال على غير حقيقته ناوين به الاستهزاء يُظهرون للمؤمنين اهتمامهم باستعادة ما سمعوه ويقولون لإخوانهم : إنما نحن مستهزؤون، أو أن يكون سؤالهم تعريضا بأنهم سمعوا كلاماً لا يستبين المراد منه لإدخال الشك في نفوس مَن يُحسون منهم الرغبة في حضور مجالس النبي ( ﷺ ) تعريضاً لقلة جدوى حضورها. ويجوز أن تكون الآية أشارتْ إلى حادثة خاصة ذكر فيها النبي ( ﷺ ) المنافقين وأحوالهم وعَلِم الذين كانوا حاضرين منهم أنهم المعنيّون بذلك، فأرادوا أن يسألوا سؤال استطلاع هل شعر أهل العلم بأن أولئك هم المعنيّون، فيكون مفعول ) يستمعون ( محذوفاً للعلم به عند النبي ( ﷺ )
استئناف بياني لأن قولهم :( ماذا قال آنفاً ( سؤال غريب من شأنه إثارة سؤال من يسأل عن سبب حصوله على جميع التقادير السابقة في مرادهم منه.
وجيء باسم الإشارة بعد ذكر صفاتهم تشهيراً بهم، وجيء بالموصول وصلتيه خبراً عن اسم الإشارة لإفادة أن هؤلاء المتميزين بهذه الصفات هم أشخاص الفريق المتقرر بين الناس أنهم فريق مطبوع على قلوبهم لأنه قد تقرر عند المسلمين أن الذين صمّموا على الكفر هم قد طبع الله على قلوبهم وأنهم متّبعون لأهوائهم، فأفادت أن هؤلاء المستمعين زمرة من ذلك الفريق، فهذا التركيب على أسلوب قوله تعالى :( أولئك هم المفلحون في سورة البقرة.
والطبع على القلب : تمثيل لعدم مخالطة الهدى والرشد لعقولهم بحال الكِتاب المطبوع عليه، أو الإناء المختوم بحيث لا يصل إليه من يحاول الوصول إلى داخله، فمعناه أن الله خلق قلوبهم، أي عقولهم غير مدركة ومصدقة للحقائق والهدى. وهذا الطبع متفاوت يزول بعضه عَن بعض أهله في مدد متفاوتة ويدوم مع بعض إلى الموت كما وقعَ، وزواله بانتهاء ما في العقل من غشاوة الضلالة وبتوجه لطف الله بمن شاء بحكمته اللطف به المسمى بالتوفيق الذي فسره الأشعرية بخلق القدرة


الصفحة التالية
Icon