" صفحة رقم ١٠٣ "
الرسول ( ﷺ ) أي لا تحسب تأخير مؤاخذتهم إفلاتاً من العقاب، فإنه مُرجَوْن إلى الساعة.
وهذا الاستفهام الإنكاري ناظر إلى قوله آنفاً ) والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ( ( محمد : ١٢ ).
والقصر الذي أفاده الاستثناء قصر ادعائي، نُزل انتظارهم ما يأملونه من المرغوبات في الدنيا منزلة العدم لضآلة أمره بعد أن نُزلوا منزلة من ينتظرون فيما ينتظرون الساعة لأنهم لتحقق حلوله عليهم جديرون بأن يكونوا من منتظريها.
و ) أن تأتيهم ( بدل اشتمال من الساعة. و ) بغتة ( حال من الساعة قال تعالى :( لا تأتيكم إلا بغتة ( ( الأعراف : ١٨٧ ). والبغتة : الفجأة، وهو مصدر بمعنى : المرة، والمراد به هنا الوصف، أي مباغتة لهم.
ومعنى الكلام : أن الساعة موعدهم وأن الساعة قريبة منهم، فحالهم كحال من ينتظر شيئاً فإنما يكون الانتظار إذا اقترب موعد الشيء، هذه الاستعارة تهكمية.
والفاء من قوله :( فقد جاء أشراطها ( فاء الفصيحة كالتي في قول عباس بن الأحنف :
قالوا خراسانُ أقصى ما يراد بنا
ثم القفول فقد جئنا خراسانا
وهذه الفصيحة تفيد معنى تعليل قرب مؤاخذتهم.
والأشراط : جمع شَرَط بفتحتين، وهو : العلامة والأمارة على وجود شيء أو على وصفه. وعلامات الساعة هي علامات كونها قريبة. وهذا القرب يتصور بصورتين :
إحداهما أن وقت الساعة قريب قرباً نسبياً بالنسبة إلى طول مدة هذا العالم ومن عليه من الخلق.
والثانية : أن ابتداء مشاهدة أحوال الساعة يحصل لكل أحد بموته فإن روحه إذا خلصت عن جسده شاهدت مصيرها مشاهدة إجمالية وبه فسر حديث أبي


الصفحة التالية
Icon