" صفحة رقم ١٠٦ "
واللام في قوله :( لذنبك ( لام التعيين بينت مفعولاً ثانياً لفعل ) استَغْفِرْ ( واللام في قوله ) وللمؤمنين ( لام العلة، أو بمعنى ( عن ) والمفعول محذوف، أي استغفر الذنوب لأجل المؤمنين، وفي الكلام حذف، تقديره : وللمؤمنين لذنوبهم.
وجملة ) والله يعلم متقلبكم ومثواكم ( تذييل جامع لأحوال ما تقدم. فالمَتَقلَّبُ : مصدر بمعنى التقلب، أوثر جلبه هنا لمزاوجة قوله :( ومثواكم ). والتقلب : العمل المختلف ظاهراً كانَ كالصلاة، أو باطناً كالإيمان والنصح.
والمثوى : المرجع والمئال، أي يعلم الله أحوالكم جميعاً من مؤمنين وكافرين، وقدر لها جزاءها على حسب علمه بمراتبها ويعلم مصائركم وإنما أمركم ونهاكم وأمركم بالاستغفار خاصة لإجراء أحكام الأسباب على مسبباتها فلا تيأسوا ولا تُهملوا.
( ٢٠، ٢١ ) ) لله (
قد ذكرنا أن هذه السورة أنزلت بالمدينة وقد بدت قرون نفاق المنافقين، فلما جرى في هذه السورة وصف حال المنافقين أعقب ذلك بوصف أجلى مظاهر نفاقهم، وذلك حين يُدعَى المسلمون إلى الجهاد فقد يضيق الأمر بالمنافقين إذ كان تظاهرهم بالإسلام سيلجئهم إلى الخروج للقتال مع المسلمين، وذلك أمر ليس بالهيّن لأنه تعرض لإتلافهم النفوس دون أن يَرْجُو منه نفعاً في الحياة الأبدية إذ هم لا يصدقون بها فيَصبحوا في حيرة. وكان حالهم هذا مخالفاً لحال الذين آمنوا الذي تمنوا أن يَنزل القرآن بالدعوة إلى القتال ليلاقوا المشركين فيشفوا منهم غليلهم، فبهذه المناسبة حُكي تمني المؤمنين نزول حكم القتال لأنه يلوح به تمييز حال المنافقين، ويبدو منه الفرق بين حال الفريقين وقد بين كره القتال لديهم في سورة براءة.
فالمقصود من هذه الآية هو قوله :( فإذ أنزلت سورة محكمة وذُكِر فيها القتال رأيتَ الذين في قلوبهم مرض ( الآية، وما قبله توطئة له بذكر سببه، وأفاد تقديمه


الصفحة التالية
Icon