" صفحة رقم ١٠٩ "
) إنما كان قولَ المؤمنين إذا دُعُوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا في سورة النور.
وعلى هذا الوجه فتعدية أولى ( باللام دون الباء للدلالة على أن ذلك أولى وأنفع، فكان اجتلاب اللام للدلالة على معنى النفع. فهو مثل قوله تعالى :( ذلك أزكى لهم ( ( النور : ٣٠ ) وقوله :( هن أطهر لكم ( ( هود : ٧٨ ). وهو يرتبط بقوله بعده ) فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم ).
ويجوز أن يكون ) فأولى لهم ( مستعملاً في التهديد والوعيد كما في قوله تعالى :( أوْلى لك فأوْلى ثم أولى لك فأولى في سورة القيامة ( ٣٤، ٣٥ )، وهو الذي اقتصرَ الزمخشري عليه. ومعناه : أن الله أخبر عن توعده إياهم. ثم قيل على هذا الوجه إن أولى ( مرتبة حروفه على حالها من الوَلْي وهو القرب، وأن وزنه أفعل. وقال الجرجاني : هو في هذا الاستعمال مشتق من الويل. فأصل أولى : أويِل، أي أشد ويلا، فوقع فيه قلب، ووزنه أفلع. وفي ( الصحاح ) عن الأصمعي ما يقتضي : أنه يَجعل ( أولى له ) مبتدأ محذوف الخبر. والتّقدير : أقرب ما يُهلكه، قال ثعلب : ولم يقل أحد في ( أولى له ) أحسن مما قال الأصمعي.
واللام على هذا الوجه إما مزيدة، أي أولاهم الله ما يكرهون فيكون مِثل اللام في قول النابغة :
سَقْيا ورعيا لذاك العَاتب الزّاري
وإمّا متعلقة ب ) أولى ( على أنه فعل مضى، وعلى هذا الاستعمال يكون قوله ) طاعة وقول معروف ( كلاماً مستأنفاً وهو مبتدأ خبره محذوف، أي طاعة وقول معروف خير لهم، أو خبر لمبتدأ محذوف، تقديره : الأمر طاعة، وقول معروف، أي أمر الله أن يطيعوا.


الصفحة التالية
Icon