" صفحة رقم ١٣ "
ومن بديع تفنن القرآن توزيع معاد الضمائر في هذه الآية مع تماثلها في اللفظ وهذا يتدرج في محسِّن الجمع مع التفريق وأدق.
عطف على جملة ) ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له ( ( الأحقاف : ٥ )، وقد علمت أن هذا مسوق مساق العَد لوجوه فرط ضلالهم فإن آيات القرآن تتلى عليهم صباحَ مساءَ تبين لهم دلائل خلوّ الأصنام عن مقومات الإلهية فلا يتدبرونها وتحدُو بهم إلى الحق فيغالطون أنفسهم بأن ما فهموه منها تأثر سحري، وأنها سحر، ولم يكتفوا بذلك بل زادوا بهتاناً فزعموا أنه مبين، أي واضح كونه سحراً. وهذا انتقال إلى إبطال ضلال آخر من ضلالهم وهو ضلال التكذيب بالقرآن فهو مرتبط بقوله :( حم تنزيل الكتاب من الله ( ( الأحقاف : ١، ٢ ) الخ.
وقوله :( الذين كفروا ( إظهار في مقام الإضمار للتسجيل عليهم بالكفر وبأنه سبب قولهم ذلك.
واللام في قوله :( للحق ( لام العلة وليست لام تعدية فعل القول إلى المقول له أي قال بعض الكافرين لبعض في شأن الذين آمنوا ومن أجل إيمانهم. والحق : هو الآيات، فعدل عن ضمير الآيات إلى إظهار لفظ الحق للتنبيه على أنها حق وأن رميها بالسحر بهتان عظيم. و ) لما جاءهم ( توقيت لمقالتهم، أي يقولون ذلك بفور سماع الآيات وكلما جاءتهم، أي دون تدبر ولا إجالة فكر.
إضراب انتقال إلى نوع آخر من ضَلال أقوالهم.