" صفحة رقم ١٣٤ "
والأجور هنا : أجور الآخرة وهي ثواب الإيمان والتقوى.
فالخطاب للمسلمين المخاطبين بقوله :( فلا تهنوا ( الآية.
والمقصود من الجملة قوله :( وتتقوا ( وأما ذكر ) تؤمنوا ( فللاهتمام بأمر الإيمان. ووقوع ) تؤمنوا ( في حيز الشرط مع كون إيمانهم حاصلاً يعين صرف معنى التعليق بالشرط فيه إلى إرادة الدوام على الإيمان إذ لا تتقوم حقيقة التقوى إلا مع سبق الإيمان كما قال تعالى :( فَكُّ رقبة أو إطعام إلى قوله : ثم كان من الذين آمنوا ( ( البلد : ١٣ ١٧ ) الآية.
والظاهر أن جملة ) يؤتِكم أجوركم ( إدماج، وأن المقصود من جواب الشرط هو جملة ) ولا يسألكم أموالكم ). وعطف ) ولا يسألكم أموالكم ( لمناسبة قوله :( يؤتكم أجوركم (، أي أن الله يتفضل عليكم بالخيرات ولا يحتاج إلى أموالكم، وكانت هذه المناسبات أحسن روابط لنظم المقصود من هذه المواعظ لأن البُخل بالمال من بواعث الدعاء إلى السلم كما علمت آنفاً.
ومعنى الآية : وإن تؤمنوا وتتقوا باتباع ما نهيتهم عنه يَرض الله منكم بذلك ويكتِف به ولا يسألكم زيادة عليه من أموالكم. فيعلمُ أن ما يعنيه النبي ( ﷺ ) عليهم من الإنفاق في سبيل الله إنما هو بقدر طاقتهم. وهذه الآية في الإنفاق نظيرها قوله تعالى لجماعة من المسلمين في شأن الخروج إلى الجهاد ) يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثَّاقَلْتُم إلى الأرض أرضِيتُم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل في سورة براءة.
فقوله : ولا يسألكم أموالكم ( يفيد بعمومه وسياقه معنى لا يسألكم جميع أموالكم، أي إنما يسألكم ما لا يجحِف بكم، فإضافة أموال وهو جمع إلى ضمير المخاطبين تفيد العموم، فالمنفي سؤال إنفاق جميع الأموال، فالكلام من نفي العموم لا من عموم النفي بقرينة السياق، وما يأتي بعده من قوله :( ها أنتم هؤلاء تُدْعَوْن لتنفقوا في سبيل الله ( الآية.