" صفحة رقم ١٤٨ "
للرسول ( ﷺ ) علم به ولذلك لم يبرز الفاعل في ) ويُتمّ نعمته عليك ويهديك ( لأن إنعام الله عليه معلوم وهدايته معلومة وإنما أخبر بازديادهما.
وإتمام النعمة : إعطاء ما لم يكن أعطاه إياه من أنواع النعمة مثل إسلام قريش وخلاص بلاد الحجاز كلّها للدخول تحت حكمه، وخضوع من عانده وحاربه، وهذا ينظر إلى قوله تعالى :( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ( ( المائدة : ٣ ) فذلك ما وعد به الرسول ( ﷺ ) في هذه الآية وحصل بعد سنين.
ومعنى ) ويهديك صراطاً مستقيماً ( : يزيدك هديا لم يسبق وذلك بالتوسيع في بيان الشريعة والتعريف بما لم يسبق تعريفه به منها، فالهداية إلى الصراط المستقيم ثابتة للنبيء ( ﷺ ) من وقت بعثته ولكنها تزداد بزيادة بيان الشريعة وبسعة بلاد الإسلام وكثرة المسلمين مما يدعو إلى سلوك طرائق كثيرة في إرشادهم وسياستهم وحماية أوطانهم ودفع أعدائهم، فهذه الهداية متجمعة من الثبات على ما سبق هديُه إليه، ومن الهداية إلى ما لم يسبق إليه وكل ذلك من الهداية.
والصراط المستقيم : مستعار للدين الحق كما تقدم في سورة الفاتحة. وتنوين ) صراطاً ( للتعظيم. وانتصب ) صراطاً ( على أنه مفعول ثان ل ) يهدي ( بتضمين معنى الإعطاء، أو بنزع الخافض كما تقدّم في الفاتحة.
والنصر العزيز : غير نصر الفتح المذكور لأنه جعل علة الفتح فهو ما كان من فتح مكة وما عقبه من دخول قبائل العرب في الإسلام بدون قتال. وبعثهم الوفود إلى النبي ( ﷺ ) ليتلقوا أحكام الإسلام ويُعلموا أقوامهم إذا رجعوا إليهم. ووصف النصر بالعزيز مجاز عقلي وإنما العزيز هو النبي ( ﷺ ) المنصور، أو أريد بالعزيز المعز كالسميع في قول عمرو بن معد يكرب :
آمِنْ ريحانة الداعي السميع
أي المسمع، وكالحكيم على أحد تأويلين.
والعزة : المنعة.
وإنما أظهر اسم الجلالة في قوله :( وينصرك الله ( ولم يكتف بالضمير اهتماماً


الصفحة التالية
Icon